يعتبر كتاب “المرأة والصحافة”، لمؤلفته البريطانية “سوزان فرانكس”، أستاذة الصحافة في جامعة “سيتي” بلندن، مادة بحثية مهمة للعاملين في مجال الصحافة، لا سيما أولئك القائمين على إدارة المؤسسات الإعلامية، الذين تلعب سياساتهم دورًا محوريًا في تعزيز المساواة النمطية في قطاع الصحافة، فيما لو أدركوا أهمية الدور الذي تؤديه المرأة في هذه الصناعة، واستطاعوا التغلب على الظروف التي تحول دون حضورها البارز في الإدارة والإنتاج.
الكتاب، رغم صغر حجمه (عدد صفحاته لا يتجاوز المئة)، غزير بالحقائق والمعلومات والأدلة حول أزمة العمل النسوي في عالم الصحافة، إذ تكثر فيه الأمثلة من تجارب نساء عملن في مؤسسات الإعلام البريطانية، خلال العقود الثلاثة الأخيرة، حاولت المؤلفة دراستها من خلال المقارنة مع دور الرجال في نفس المؤسسات.
الكتاب، يلقي الضوء على واقع عمل المرأة في قطاع الإعلام في بريطانيا، من خلال شهادات حية، معززة بالأرقام والنسب المئوية والمقابلات، ويدرس الأسباب الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى انحسار دورها وضعف تأثيره.
ما يثير الدهشة، أن “الغرب” لا يزال يواجه مشكلة التمثيل الضعيف للمرأة في صحافته، على مستويي المحتوى والدور الوظيفي، مقابل تفوق نسبي لبلدان شرق أوروبا، فبالرغم من زيادة عدد النساء في ميادين التدريب الصحفي، يترقى عدد قليل منهم نسبيًا إلى مناصب صحفية عليا، ولا تزال فجوة الأجور بين الرجال والنساء واسعة في هذا المجال.
كما أظهرت أبحاث أجريت على كبرى الصحف البريطانية في العام 2011، أن الطابع الذكوري يغلب على مواضيع وعناوين الصحف الرئيسية بنسبة تزيد على 70%، وأن الصحفيات العاملات يفضلن إنتاج المواد الناعمة ذات الاهتمام الاجتماعي والإنساني، مبتعدين عن ميادين السياسة والرياضة والاقتصاد والتحليل الاستراتيجي. كما أن وجودهن، على المستوى الوظيفي، يندر في مواقع الإدارة ومراكز صنع القرار، ما يقلل من تأثيرهن في وضع السياسات، وتوجيه الاهتمام العام.
تنبه المؤلفة في كتابها إلى مجموعة من الظروف التي قد تحول دون تحقيق مساواة واقعية ملموسة بين الجنسين في مجال العمل الصحفي، وتحاول دق جرس إنذار من عواقب التراجع في دور النساء العاملات في الصحافة الغربية، وإلى ضرورة تعزيز حضورهن في قطاع الإعلام.
صدر الكتاب باللغة الإنكليزية لأول مرة في العام 2013، وترجمته إلى العربية في العام 2016 “مجموعة النيل العربية”، ومقرها القاهرة.