جريدة عنب بلدي – العدد 22 – الأحد – 1-7-2012
يبدو أن تركيا قد قررت أخيرًا استخدام حق الرد تجاه الانتهاكات التي يرتكبها نظام الأسد بحق الدولة «الجارة»، فبعد أن قامت القوات السورية بتكثيف انتشارها على الشريط الحدودي وانتهاك حرمة الجوار بإطلاق النار عدة مرات داخل الأراضي التركية على مخيمات اللاجئين وإلحاق أضرار بالسكان المحليين، حينها كانت تركيا تمتعض وتندّد وتهدد، ولكنها في النهاية… تحتفظ بحق الرد!!
إلّا أن الأسبوع الفائت شهد تصعيدًا تركيًا غير مسبوق عقب إسقاط قوات النظام الأسدي طائرة عسكرية تركية في المياه الإقليمية واختفاء طيارين كانا على متنها، وبدأ مسلسل تبادل الاتهامات، فأنقرة تصرّ على أن الطائرة سقطت في المياه الدولية، ودمشق تؤكد بأن «حرمتها» انتهكت وبأن الطائرة أسقطت في المياه الإقليمية السورية، وأصرّت دمشق على عدم الاعتذار رغم الإشاعات التي كانت تؤكد وتنفي، بل وذهب الأسد إلى أبعد من ذلك بتوزيع الاتهامات جزافًا على مسؤولين أتراك حيث قال في لقاء مع إحدى القنوات الإيرانية أنه ينتقد مواقف «بعض» المسؤولين الأتراك وليس «كلهم» وأن بعضهم مسؤول عن القتل وإراقة الدم السوري!!
ولكن يبدو أن تركيا قد حزمت أمرها هذه المرة وقررت تحضير نفسها لاتخاذ ردٍ مدروسٍ بالتنسيق مع حلف شمال الأطلسي «الناتو» والدول الإقليمية بعد أن عقدت اجتماعًا مع دول الحلف لدراسة خلفية إسقاط الطائرة إذ باتت تعتبر أن نظام الأسد يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها فقررت اتخاذ قرار لا رجعة عنه، وبدأت طلائع الحشود العسكرية التركية تصل إلى الحدود السورية-التركية تباعًا كما نشرت قوات عسكرية ومضادات طيران في حركة احترازية. ومنذ انتشار القوات العسكرية التركية على الشريط الحدودي، لم يعد الجيش الأسدي قادرًا على استهداف الأراضي التركية إذ لم تخرج ولا حتى رصاصة واحدة من الجانب السوري على الحدود التركية، فهل يرتدع النظام السوري ولو قليلاً عن إزعاج حدود جارته وإقلاق راحتها!!
وبدورها، وكردٍ تعقيبي، عملت القوات السورية على نشر 170 دبابة على الشريط الحدودي مع تركيا تأهبًا لأي طارئ رغم محاولات الأسد التخفيف جدًا من خطورة الموضوع وصلت إلى درجة تجاهله بالكامل عندما صرح لذات القناة الإيرانية أنه لا يعتقد بأن يترتب على «الأزمة السورية» أي عمل عسكري.. قالها قول «الواثق» إذ أن تكرار انتهاكه للمعاهدات الدولية على الحدود التركية واللبنانية والأردنية مرّ مرور الكرام ولم يتعدّ رد المجتمع الدولي حدود الشجب والاستنكار حاله بذلك حال جرائمه ومجازره التي لم تتوقف منذ 15 شهرًا حتى الآن إلى درجة جعلته يستشعر «جنون العظمة» فبات يظن أن لن يقف في وجهه شيء مهما كان..
ويبقى الشعب السوري مستعدًا مترقبًا لردة الفعل التركية والدولية، فهل ستترجمها واقعًا وتتخذ أية خطوات جدية مع نظام الأسد؟!