جريدة عنب بلدي – العدد 22 – الأحد – 1-7-2012
عمد الأسد إلى تشكيل حكومة هي الثانية منذ انطلاقة الثورة السورية تأكيدًا منه على مضي حكومته «الرشيدة» في مسيرة «الإصلاح» وبأن «ديمقراطيته» أتخمت البلاد. وهو بذلك يحاول أن يَظهر بمظهر القوي الثابت على الأرض رغم أنها تتخلخل تحت أقدامه شيئًا فشيئًا وما محاولاته هذه إلا لتغطية فشله الذريع بعد أن بدأ الشرخ يزداد اتساعًا في صفوف جيشه مع ازدياد الانشقاقات الجماعية والفردية التي فتح حسين الهرموش الباب على مصراعيه لها ولم يُغلَق إلى الآن.
ورغم أن خبر انشقاق عناصر من الجيش ليس وليد الأمس أو اليوم، إلّا أن ازدياد وتيرة المنشقين في الأسابيع الأخيرة شكل حرجًا كبيرًا للنظام وخاصة أنها باتت ملفتةً جدًا حيث انشق ضابط وعشرات المجندين من اللواء 82 في درعا و 6 ضباط ولواء وعقيدين و30 مجندًا وصلوا إلى الأراضي التركية كما انشق 13 عشر عسكريًا بينهم 3 برتبة عقيد أعقبه انشقاق 200 عسكري على الطريق الدولي في إدلب كما انشق عميد وهو قائد المستودع الاستراتيجي للدبابات و30 عسكريًا من مطار حماة العسكري. ويبدو أن العسكريين على اختلاف رتبهم وبقرار انشقاقهم دقوا إسفينًا آخر في نعش النظام.
وأدت هذه الانشقاقات إلى تنامي قوة الجيش الحر الذي وصل به الأمر إلى استهداف مقار في قلب العاصمة دمشق وأسر كبار الشخصيات التي كانت تهدد الثورة والثوار. والحديث بالطبع هنا عن العميد الركن منير أحمد الشليبي الذي يعتبر المسؤول الأول عن اعتقال وتعذيب الآلاف من شباب الثورة داخل سجون المخابرات الأسدية. واللافت أن عملية الأسر هذه تمت في قلب العاصمة دمشق رغم كل التشديد الأمني الذي يفرضه جيش النظام ومخابراته.
أما مدنيًا، وبعد أن عمت الإضرابات أنحاء البلاد من درعا جنوبًا إلى حلب شمالاً، ومع استمرار خروج المظاهرات المناوئة لحكم الأسد بزخم شديد في تأكيد على المضي في وجه النظام دون كللٍ أو مللٍ، نجد أن هنالك مدنًا وقرىً ومحافظات باتت عنوانًا للثورة، ويقف النظام عاجزًا لا يستطيع إسكات صوتها المطالب بالحرية، حيث باتت مظاهر الثورة فيها واضحة جلية. اعتصامات وحركات احتجاجية يحاول النظام تغطيتها بأي شكل كان ليثبت للعالم أجمع و «لمنحبكجيته» أن النظام باقٍ رغم كل المحاولات «التآمرية» على زعزعة استقراره!.
ويبدو فعلًا أن الأسد بدأ يفقد السيطرة على البلد حيث باتت نسبة كبيرة من الأراضي السورية تحت سيطرة الجيش الحر في إدلب وحمص وريف حلب ودرعا وريف دمشق. واستكمالًا لوحشيته وهمجيته في التعامل مع الثورة والثائرين وبعد أن ظهر فشل سياسات الاعتقالات وقمع المظاهرات عن طريق الشبيحة والمرتزقة. لجأ الأسد إلى أسلوب جديد من أساليب العنف والقتل الجماعي من خلال القصف بالمروحيات واستخدام الدبابات ومدافع الهاون «الاستهداف عن بعد» لتفريق المظاهرات وقمع المتظاهرين وإيقاع أكبر قدر من الأذى والقتل والتدمير بين صفوفهم، كوسيلة لاستعادة السيطرة التي فقدوها على الأرض.