محمد حسان – دير الزور
يعتبر التعليم من أكبر القطاعات المتضررة في محافظة دير الزور، وذلك جراء الأحداث الدامية التي تشهدها المحافظة، بدءًا بقصف المدارس من قبل قوات الأسد وانتهاءً بقرارات تنظيم الدولة بتغيير المناهج وفرض قيود على القطاع التربوي في المحافظة.
ففي أيلول الماضي وقبيل بدء العام الدراسي الحالي، أعلن التنظيم عن إقامة دورات شرعية للمعلمين والمعلمات في كافة المناطق التي يسيطر عليها في محافظة دير الزور، وكل معلم لا يحضر الدورة الشرعية يُحرم من التدريس في المدارس الواقعة ضمن سيطرته، إضافة لتغيير المناهج الدراسية القديمة واستبدالها بمناهج خاصة به، ومنع الاختلاط بين الطلاب من كلا الجنسين وكذلك الأمر بالنسبة للمعلمين.
يقول أبو محمد، أحد مسؤولي المكتب التربوي التابع للمجلس المحلي في المحافظة، «يوجد في دير الزور1200 مدرسة لكافة المراحل الدراسية، 1000 مدرسة جاهزة لاستقبال الطلاب و200 مدرسة غير صالحة، إما بسبب انهيارها نتيجة القصف أو لتواجد النازحين من أبناء مدينة دير الزور، يتابع أبو محمد في حديثه لعنب بلدي «إنّ الكادر التدريسي في المحافظة يقدر بـ 10000 مدرس أصيل و7500 معلم وكيل من كافة الاختصاصات».
العام الدراسي الجديد، وبحسب أبي محمد، لن يتم افتتاحه إلى أن يخضع جميع المعلمين لدورات شرعية في مراكز الدعوة لدى التنظيم، فالدورة عبارة عن ثقافة إسلامية عامة بالعقيدة والفقه والتوجيه.
وبحسب تصريحات تنظيم الدولة، فإنه سيتم قريبًا الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على المنهاج الدراسي الجديد من قبل لجان وكّلت بهذا الأمر، يقول بديع محمد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان بدير الزور «هذه المناهج تسير وفق فكر التنظيم واستراتيجيته مع إلغاء للمنهاج السابق الذي يحتوي على الكفر والشركيات والبدع والأباطيل بحسب التنظيم».
ويشير بديع متحدثًا لعنب بلدي إلى أن «اللجنة المكلفة بالمنهاج هي عبارة عن مجموعة من المعلمين الذين بايعوا التنظيم، أو يحملون أفكارًا عقدية متقاربة مع عقيدته، وهذه اللجنة بدأت أعمالها قبل فترة وستنتهي قريبًا من وضع المناهج الجديدة بحسب التنظيم نفسه».
ويقول علي وهو مدرس رياضيات في دير الزور «اتخذ التنظيم إجراءات عطلت العملية التربوية دون أن يقوم بتأمين البدائل، فأغلب مدرسي المواد العلمية في المرحلة الثانوية من الذكور الذين منعوا من تدريس البنات، لتترك بناتنا دون معلمين، ناهيك عن المرحلة الابتدائية التي هي في غالبيتها من المعلمات اللواتي منعن من تدريس الذكور بعد قرار تنظيم الدولة بمنع الاختلاط بين الذكور والإناث سواء بين الطلاب أو المعلمين.
كل هذه الإجراءات دفعت الكثير من الأهالي للامتناع عن إرسال أبنائهم إلى المدارس في حال قام التنظيم بافتتاحها في الأيام القادمة. عيسى طالب ثانوي، أكّد لعنب بلدي أنّ «الهمّ الأكبر عند الطلاب يتمثل بفرض التنظيم مناهجه، فالطلاب سيجدون أنفسهم بشهادات غير معترف بها، كما أنهم سيجدون أنفسهم بعد الثانوية من دون جامعة، مما دفع قسمًا كبيرًا لترك التعليم والسفر، أو اللحاق بسوق العمل».
وبناء على هذه المعطيات اضطر كثير من الأهالي والمعلمين للنزوح إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام أو الجيش الحر، يقول أبو محمد أحد النازحين «ابني في الصف الثاني الثانوي، وابنتي في الصف التاسع، والبقية في صفوف مختلفة من كافة المراحل، واضطررت للنزوح لأنّ الوثيقة التي سيعطيها التنظيم لا يعترف بها أحد، ولا تخول أولادي دخول الجامعة فما الفائدة منها؟».
يشار إلى أن سياسة التنظيم التعليمية أثارت استياء ورفض المواطنين والقائمين على العملية التربوية، الذين خرجوا بمظاهرات داخل الأحياء الخاضعة للتنظيم منذ أيام، مطالبين الأخير بفتح المدارس والسماح للجهات التربوية المختصة ببدء العام الدراسي.