ريف حماة – إياد أبو الجود
تراجع إنتاج الأسماك في سهل الغاب بريف حماة الغربي، على خلفية تردي الوضع الاقتصادي، وانتشار عدد من النبتات المضرة بالتربية، فضلًا عن أساليب الصيد الجائر التي لجأ إليها أهالي المنطقة.
وتعتبر تربية الأسماك في الغاب من أقدم المهن التي يمارسها الأهالي، ووصل إنتاجها إلى 40% من إجمالي الإنتاج السوري للأسماك، بحسب ما أوردت تقارير صادرة عن وسائل الإعلام الرسمية، قبل عام 2011.
امتهن حسين الحماد صيد الأسماك في الغاب منذ عشرة أعوام، ويقول إن الظروف اختلفت بشكل جذري بعد عام 2011، موضحًا أن الصيد في الوقت الحالي محصور في منطقة صغيرة على طول خمسة كيلومترات من القناة الشرقية لنهر العاصي.
ويشكل سهل الغاب بيئة مناسبة لصيد الأسماك نظرًا لمنسوب المياه فيه، إذ يخترق نهر العاصي بفرعيه الشرقي والغربي عددًا من المجاري المائية المتفرعة عنه.
وتخضع القناة الشرقية لنهر العاصي وبعض المجاري المائية لسيطرة فصائل المعارضة السورية، بينما تقع القناة الغربية للنهر تحت سيطرة قوات الأسد.
أنواع عدة من الأسماك يصطادها الحماد، بينها الكارب والمشط والسلور والبوري والعنكليس، ويوضح أن الصيد يتراجع في هذه الفترة من كل عام، لأنها موسم لتكاثر الأسماك.
لكن قوات الأسد تشكل العامل الأساسي لتراجع الصيد بشكل عام، إذ تستهدف الصيادين بين الوقت والآخر، الأمر الذي دفع أبناء المنطقة إلى توخي الحذر، وعزف البعض منهم عن هذه المهنة.
بين الهواية ومصدر الرزق
كان الحماد يصطاد حوالي 40 كيلوغرامًا من الأسماك يوميًا، أما الآن لا تتجاوز الكمية خمسة كيلوغرامات، وتتراوح الأسعار بين 500 و1000 ليرة سورية للكيلو.
ويشير إلى طرق مختلفة للصيد، بينها الشباك التي يعتمد عليها بشكل رئيسي كونها لا تحتاج لأي مصروف، قياسًا بطريقة الصعق بالكهرباء.
ويعتبر أن الصيد تحول إلى مهنة للتسلية فقط، على خلفية المخاطر التي يتعرض لها، ويزيد على ذلك الأسعار الزهيدة.
ويؤكد “أبو غيث الغابي” حديث الحماد، ويقول إنه يمتهن الصيد كهواية، على خلاف بعض الأشخاص الذين جعلوا منها مصدر رزق أساسي.
ويضيف لعنب بلدي أن سعر كيلو سمك الكارب 1500 ليرة، وهو لا يسد النفقات التي تصرف للحصول عليه، إذ يحتاج إلى ليترين من البنزين لاصطياد عشرة كيلوغرامات.
ويعتمد الغابي في الصيد على مولدة كهرباء بطاقة “3000 شمعة”، بالإضافة إلى مركب و”شالوف”، وبواسطة الأخير تصعق الأسماك على مساحة متر مكعب.
ووفقًا للإحصائيات الحكومية قبل 2011، كان سهل الغاب ينتج ما معدله ستة آلاف طن من الأسماك سنويًا من مزارع خاصة وحكومية، نظرًا للبيئة المناسبة لتربية الأسماك التي يتمتع بها.
ويحوي السهل قرابة 350 مزرعة أسماك، على مساحة تمتد إلى 6400 دونم، حيث تربى الأسماك ضمن أحواض ترابية، وتتراوح مساحة الحوض بين عشرة دونمات وخمسين دونمًا.
خطوات لتحسين المستوى
عضو مجلس محافظة حماة الحرة، حيان رمضان، يقول لعنب بلدي إن سهل الغاب يشتهر بكثرة الينابيع التي أوجدت مسطحات مائية كبيرة جدًا.
وكان الغاب عبارة عن مسطح مائي بمجمله في الخمسينيات وما قبل، وبسبب توسعة نهر العاصي وفتح بعض المجاري الصناعية كمجرى الألمان والطليان جُفف هذا السهل لاستثماره زراعيًا.
لكن الينابيع ما زالت تنضح بخيراتها، وتصب في نهر العاصي كنبع عين الطاقة وعين الحويز والناصرية وقليدين من الجهة الشرقية وعناب وجورين من الجهة الغربية.
وبحسب رمضان، اعتمد أهالي الغاب سابقًا على الصيد كمصدر للعيش، وخاصة سمك السلور، وتستمر المهنة حتى اليوم لكن بصورة أقل.
ويوضح أن حوالي 350 عائلة تعتمد على الصيد كدخل غير مستقر، لافتًا إلى طرق سابقة للصيد كالجرف والكنس والحديد والقضيب، والتي تختلف عن الطرق الحالية كالشباك التي كانت غير مجدية سابقًا لقوة سمك السلور ولوجود نبتة البردي بكثافة في النهر.
ويسهم صيد الأسماك حاليًا بنسبة 1 في الألف من الدخل على مستوى عدد السكان، بحسب رمضان، الذي عزا الأمر إلى أسباب بينها الصيد الجائر الذي لا يتوقف أبدًا في كل الفصول، بالإضافة إلى انتشار زهرة النيل التي أثرت على المستويين الزراعي بسبب استهلاكها للماء بشكل كبير، وعلى الأسماك بسبب حجبها للشمس والهواء.
وأكد الرمضان أن أولويات مجلس حماة الحرة هي مكافحة زهرة النيل التي غطت مساحات واسعة من نهر العاصي والمجاري الفرعية.