عنب بلدي – خاص
يحاول النظام السوري وروسيا الهروب من اتهامات وجهت لهما باستخدام أسلحة كيماوية بحق مدنيين في الغوطة الشرقية، باستخدام الضحايا أنفسهم كورقة للدفاع، إذ كانت المحاولات الأخيرة تقديم شهادات أطباء من مدينة دوما في مؤتمر صحفي عقد بمدينة لاهاي.
وجاء هذا المؤتمر قبل تقديم بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تقريرها المرتقب، بعد زيارتها لمكان الاستهداف في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية.
استباق لتقرير اللجنة
بداية الهروب كان بنفي استخدام السلاح الكيماوي من قبل قوات الأسد، وجاء النفي الأول من مركز “المصالحة الروسي” في سوريا، ونفى النظام مرارًا استخدام أسلحة من هذا النوع.
واستمرت روسيا في توصيف ما حدث بأنه مجرد “تمثيلية”، وجلبت روسيا وسوريا 12 مدنيًا كشهود عيان، لم يصبهم أذى من الغوطة الشرقية إلى مقر المنظمة، خلال مؤتمر عقدته في لاهاي، لدعم مزاعم عدم شن النظام هجومه الكيماوي على المدينة مطلع الشهر الحالي.
وقال أحد الشهود “أتينا إلى هنا لنخبر العالم بما حدث في الواقع وليس كما روج له عبر وسائل الإعلام (…)، في السابع من نيسان الحالي كنت في قسم الإسعاف وكنا نستقبل مصابين نتيجة المعارك، وفي المساء راجعنا ما يقارب من 15 شخصًا مصابين بحالات اختناق، وكانت حالات اختناق بسبب استنشاق الغبار وغاز ثاني أوكسيد الكربون نتيجة الحرائق لا غير”.
وأضاف “لم تكن هناك أي أعراض تنفسية أو جلدية، وكانت إصابتهم بالاختناق نتيجة وجودهم في قبو (…)، وعقب قصف بناية ونشوب الحرائق، أصيبوا بالاختناق بسبب كثافة الدخان والغبار”.
إلا منظمة الصحة العالمية قالت، في 11 من نيسان الحالي، إن ما يقدر بنحو 500 شخص يعانون من أعراض تتفق مع التعرض للكيماوي.
وقالت المنظمة في بيانها إن الأشخاص توجهوا إلى منشآت طبية “بعلامات وأعراض تتفق مع التعرض لكيماويات سامة”.
وكان فريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية رفض، خلال زيارته إلى موقع الاستهداف، لقاء أشخاص عرضهم النظام على اللجنة في دوما وفق ما قالت مصادر إعلامية تابعة للنظام السوري.
سيناريوهات مرسومة والشهود أطباء من دوما
الإعلام الرسمي السوري رسم سيناريو لملف الكيماوي على طريقته الخاصة واعتمد على أطباء من مدينة دوما ممن اضطروا لتسوية أوضاعهم.
السيناريو بدأ بفيلم نشرته “الإخبارية السورية”، الأحد 15 من نيسان، عنونته “دوما كواليس الكيميائي”، وقالت إنه يوثق حقيقة ما جرى في دوما ويظهر خفايا القضية.
ثم عرض النظام الأطباء في المؤتمر الصحفي الذي عقده في لاهاي، إلا أن دولًا غربية نددت بذلك واعتبرته “مهزلة فاضحة” أعدها النظام وروسيا بهدف تأكيد عدم حصول هجوم كيماوي.
واعتبرت فرنسا على لسان سفيرها لدى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، أن هذا “استغباء للناس”.
وعلمت عنب بلدي من مصادر خاصة أن النظام السوري يعمل على مسح جميع الوثائق والدلائل التي لها علاقة بالهجوم الكيماوي على مدينة زملكا في الغوطة الشرقية، في 21 من آب 2013.
ويعتمد في ذلك على جمع معلومات من مئات المدنيين الذين خرجوا من الغوطة الشرقية باتجاه المناطق التي يسيطر عليها، خلال حملته العسكرية على روسيا.
وبحسب المصادر، فإن قوات الأسد وضعت العشرات من كوادر المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني وعاملين في القطاع الطبي تحت الإقامة الجبرية.
وعلمت عنب بلدي من أشخاص على اطلاع بالعمل الطبي، ممن هجروا إلى الشمال، أن النظام استدعى معظم أولئك الأطباء إضافةً إلى متطوعين بالهلال الأحمر أكثر من مرة، آخرها إلى فرع أمن الدولة (الخطيب) واضطروهم لتسوية أوضاعهم.
وبحسب المصادر، فإن النظام يعد سيناريوهات شبيهة للسيناريو الحالي في حال فتحت “الدفاتر” القديمة حول استهدافات سابقة بالأسلحة الكيماوية طالت مناطق كانت تسيطر عليها المعارضة في الغوطة الشرقية.