عنب بلدي – العدد 143 – الأحد 16/11/2014
- تصحيح الأخطاء
الغريب في قصة طالوت أن الثوار هم الذين طالبوا بالقائد، لكنّهم سموه «ملكًا»، لأن فكرة العبودية كانت قد استحوذت عليهم إلى درجة لم يتصوروا قائدًا لا يملكهم. والغريب أيضًا أنهم سموا ثورتهم جهادًا في سبيل الله بحجة الدفاع عن أهلهم وديارهم، ومن ثم شككوا بالقائد المناسب للمنصب بالقوة المادية والفكرية لأنه {لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ} (سورة البقرة، 247). فقد تعوّدوا أن يحكمهم الأثرياء وأصحاب السلطة -قد تعتبر هذه السلطة اليوم عدد سنين السجن والتاريخ النضالي أو الطائفة… الخ- ومع أنهم دعوا إلى الجهاد في سبيل الله بحجة الدفاع عن أعراضهم وأرضهم، إلا أنّ المستبد الذي يسكنهم جعل أكثرهم يشرب من نهر البلاء الذي هو أشبه بالشجرة التي أكل منها آدم فسقط عنهم لباس التقوى وبدت لهم وللعالمين عوراتهم. ويبقى الأمل في ثلّة تقول: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (سورة البقرة، 249). يدعون الله الثبات ويبحثون عن تصحيح أخطائهم والاستغفار.
- الشهادة المنتجة
لأننا حملنا شهداءنا إلى عالم أشبه بقصص الأساطير، حيث يقاتل فيها فرسان ذوو قوة أسطورية وأخلاق ملائكية عفاريت من أصل الجحيم! من أجل ذلك بقيت الشهادة حبيسة دفاف الحكايات، ونمطية لون وحيد مستحيل. خسرنا فرصًا يومية للشهادة فقط لأننا فقدنا إيماننا في بشرية المُصلح. شهادة عادية باهتة من لون التراب ورائحة العرق ونسيج الذنوب وستار التوبة. شهادة استعمال الممكن لإنتاج المستحيل، وإقامة الحجة على المتشائمين والمتخاذلين وأصحاب نظرية الرضى بالواقع.
- الصبر الجميل
الصبر الجميل هو الذي لا يراكم الأحقاد تحت السجادة، فيبدو البيت نظيفًا والشخص صبورًا للوهلة الأولى، ولكن ما هي إلا مسألة وقت حتى تنفجر تلك الأوساخ مرة واحدة وتترك البيت في فوضى عارمة والشخص كما لم يجهل أحد من قبل {وَالْكَاظِمِين َالْغَيْظ َوَالْعَافِين َعَن ِالنَّاسِ} (آل عمران، 134).