شهد الائتلاف السوري المعارض في الساعات الماضية انسحابات جماعية من أعضائه، على خلفية التناقضات الدائرة بين مكوناته، وابتعاده عن أهدافه المرسومة في بداية التشكيل.
ومن بين المنسحبين، المعارضان السوريان جورج صبرا وسهير الأتاسي، بالإضافة إلى الرئيس السابق، خالد خوجة، الذي ربط استقالته بالأسباب التي ذكرتها الأتاسي وصبرا.
وفي بيان نشر عبر “فيس بوك” اليوم، الأربعاء 25 من نيسان، قدم صبرا استقالته لرئيس الائتلاف ولأعضاء الهيئة العامة، قائلًا، “لم يعد ائتلافنا الذي ولد في تشرين الثاني 2012، وحمل أمانة الإخلاص لمبادىء الثورة وأهداف الشعب”.
وأضاف أن الاستقالة تأتي أيضًا لأن طرائق العمل والتدابير المعتمدة لا تحترم الوثائق والقرارات، ولا تلتزم إرادة الأعضاء والرؤية الوطنية السورية المستقلة، وبسبب التناقضات الجارية بين مكوناته وأعضائه.
بينما ربطت الأتاسي استقالتها بخسارة المؤسسات الرسمية لقوى الثورة والمعارضة التحدي الذي فرضه عليها المجتمع الدولي.
وقالت إن الدول وضعت الكيانات المعارضة أمام ازدواجية الخضوع أو الزوال، فاختار بعضها أولوية البقاء والتعايش، وتصدّع البعض الآخر فافتقد الكيان المؤسساتي وأصبح عبارة عن مجموعة كيانات تتراشق علنًا البيانات والتصريحات السياسية المتضاربة.
وأضافت الأتاسي، “لم أعد أجد عملي ونشاطي ممكنًا ضمن تلك الكيانات القائمة، مع بقائي ملتزمة بالعمل لأجل الثورة حتى تحقيق أهدافها”.
وتأسس الائتلاف المعارض في تشرين الثاني 2012، في العاصمة القطرية الدوحة، وقدم نفسه كمظلة جامعة للمعارضة ضد النظام السوري.
لكنه قوبل منذ تشكيله بانتقادات واتهامات واسعة، حول أدائه السياسي وعدم شموليته كامل أقطاب المعارضة.
ولم تحدد أسباب الاستقالات بشكل دقيق، خاصة أنها تأتي بالتزامن مع الحديث عن إعادة تفعيل المسار السياسي عبر “جنيف”، عقب الضربة الثلاثية الأخيرة التي استهدفت النظام السوري.
ويشغل أعضاء من الائتلاف مناصب فاعلة في “الهيئة العليا للمفاوضات”، التي تعتبر المظلة الرئيسية للمعارضة السورية، ويعول عليها في جميع الاجتماعات مع الأطراف الفاعلة في الملف السوري.
وينحدر صبرا من مدينة قطنا بريف دمشق، وولد في تموز 1947 لأسرة مسيحية، وغادر سوريا، في كانون الأول 2011، متوجهًا إلى فرنسا، حيث انضم إلى الأمانة العامة لـ “المجلس الوطني السوري”.
وفي كانون الثاني 2016 عين نائبًا لرئيس الوفد الممثل للمعارضة في مفاوضات جنيف مع النظام السوري تحت إشراف الأمم المتحدة.
أما المعارِضة سهير الأتاسي التي تنتمي لأسرة حمصية، ولدت في مدينة دمشق عام 1971، وانضمت للائتلاف السوري في بداياته الأولى
وكانت أقيلت من منصبها كمديرة لوحدة تنسيق الدعم (ACU) على خلفية قضية “اللقاحات القاتلة” بريف إدلب في أيلول 2014، وذلك بقرار من الهيئة السياسية للائتلاف، إلا أن هذا القرار سرعان ما سحب لتعود وتمارس وظيفتها.
فيما وجهت اتهامات للوحدة بالفساد المالي عدة مرات من قبل ناشطين ومعارضين، وأبدت شركة ديلويت للمحاسبة المالية تحفظاتها على مبلغ مليون دولار أمريكي غير مرصودة في بيانات الوحدة لعام 2013.
وفي حديث سابق لعنب بلدي، أقر خوجة بفشله في تحقيق آلية التوافق داخل الائتلاف، مؤكدًا صعوبة الأمر “لأن لكلّ مكون اتجاهًا سياسيًا أو إيديولوجيًا أو ربما مناطقيًا مختلفًا عن الآخر”.
وقال “للأسف حالة الائتلاف وقبله المجلس الوطني تناسب الديمقراطيات المستقرة ولا تناسب الحالة الثورية، فالائتلاف عبارة عن برلمان ولا يمكن أن نطلب من أحزاب أو مكونات داخله أن تتوافق على جميع القضايا، وهناك خطأ بنيوي في جمع كافة القوى الثورية تحت مظلة الائتلاف، ولكن هذا الواقع الذي نعايشه وسنستمر ضمن هذه المعطيات”.
–