جنوبي دمشق الوجهة المقبلة
انقسام الفصائل ينهي ملف القلمون الشرقي
عنب بلدي – خاص
بعد أسبوع على ضربة الحلف الأمريكي لتسعة مواقع تابعة لقوات الأسد، يبدو أن الوضع العسكري على الأرض لم يتغير كثيرًا، فتحرك النظام السوري في ملفين رئيسيين هما القلمون الشرقي وأحياء دمشق الجنوبية.
بوتيرة متسارعة، وبطريقة مشابهة لما حدث في الغوطة الشرقية، تمكن النظام السوري من بسط سيطرته على كامل القلمون الشرقي، بعد الاتفاق مع الفصائل المقاتلة في المنطقة وخروجها إلى الشمال.
وإلى جانب القلمون، فإن السيناريو الذي طبق في الغوطة الشرقية على مدى الشهرين الماضيين من قصف مكثف وحصار، تشهده مناطق جنوبي دمشق بعد رفض تنظيم “الدولة الإسلامية” شروط النظام السوري.
الضمير أولى المناطق المهجرة
روسيا، الراعية لاتفاقيات التسوية بين المعارضة والنظام السوري، عملت على تسريع السيطرة على القلمون الشرقي لأسباب غير واضحة، لكن من بينها تحكم الولايات المتحدة ببعض الفصائل في المنطقة، فبدأت موسكو مع اقترابها من بسط نفوذها على الغوطة الشرقية، أواخر الشهر الماضي، التواصل مع فصائل القلمون وسط تهديد ووعيد بمصير الغوطة التي شنت عليها حملة عسكرية غير مسبوقة راح ضحيتها الآلاف بين قتيل وجريح.
أولى المناطق الموافقة على شروط التسوية كانت مدينة الضمير، التي شهدت هدنة بين فصائلها وقوات الأسد منذ أربعة أعوام، تخللتها خروقات من الطيران الحربي والمروحي خلال عام 2016، كما شهدت معارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في وقت سابق.
الضمير، التي تتميز بموقع “استراتيجي” كونها تقع في بداية الطريق الدولي الذي يربط دمشق بمدينتي تدمر ودير الزور والبادية السورية، وصولًا إلى الحدود العراقية، خرج منها نحو خمسة آلاف شخص، الأربعاء 18 من نيسان، باتجاه مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي، من بينهم 1500 مقاتل، ضمن الاتفاق الذي وقعته لجنة من المدينة مع الجانب الروسي، بعد تسليم مقاتلي فصيل “جيش الإسلام” أسلحة ثقيلة ومتوسطة من بينها خمس آليات مزودة برشاشات وعربة ناقلة للجنود للنظام في إطار تنفيذ الاتفاق.
انقسام بين الفصائل أنهى القلمون
بقية مناطق القلمون (الرحيبة وجيرود والناصرية) لم تكن غائبة عن حساب روسيا والنظام، لكن ملفها أُجل لحين الانتهاء من الضمير، ويتمركز فيها عدد من الفصائل في مقدمتهم “جيش تحرير الشام”، و”جيش الإسلام”، إضافة لـ “قوات الشهيد أحمد العبدو” و”جيش أسود الشرقية”، الذي يدخل في هدنة مع قوات الأسد منذ عامين.
ومع تصاعد وتيرة التهديدات الروسية في المنطقة، شكلت الفصائل ما يسمى “القيادة الموحدة في القلمون الشرقي”، انضوت تحتها التشكيلات العسكرية باستثناء فصيل “جيش تحرير الشام” الذي نفى علاقته بها، قائلًا في بيان له، في 15 من نيسان، إنه لا يتبع للقيادة، موضحًا “ليس لنا علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، كما أننا لا ننسق معها”.
القيادة الموحدة شددت على التزامها وتمسكها بالثوابت، ورفضها للتهجير القسري لأي شخص من المنطقة، وأبدت قبولها بخوض التفاوض مع الطرف الآخر (روسيا)، ونوهت لالتزامها بالدفاع عن المنطقة ضد أي اعتداء من المتطرفين أو الميليشيات الأخرى.
لكن بعد ثلاثة أيام من تشكيلها عقدت القيادة اتفاقًا مع الطرف الروسي من 13 بندًا ينص على الخروج لمن يريد، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط، إضافة إلى تسجيل أسماء الراغبين بتسوية أوضاعهم وقوائم بالأشخاص الذين ينوون الخروج من المنطقة.
أسلحة تثير غضب معارضين
وبحسب مصادر عنب بلدي فإن 2500 شخص من مقاتلي “جيش التحرير” مع عائلاتهم غادروا المنطقة، السبت 21 من نيسان، إلى مدينة الباب ثم إلى عفرين بريف حلب الشمالي.
وفي أثناء ذلك، نشرت وسائل إعلام موالية للنظام السوري صورًا للأسلحة الثقيلة التي سلمتها الفصائل لقوات الأسد، وتظهر عددًا من صواريخ غراد وراجمات “صواريخ 107” التي يصل مداها بين سبعة إلى عشرة كيلومترات، إضافة إلى آليات عسكرية ودبابات من نوع “T52” و “T62”، كما تظهر منصة إطلاق “ستريلا” للصواريخ الباليستية متوسط المدى، إضافة إلى صواريخ “إسلام 5″ و”إسلام 3” محلية الصنع التي كانت بيد “جيش الإسلام”، وقذائف هاون من عيار 82 ميلمتر، وقذائف جهنم ومضاد الدورع “B10”.
صور الأسلحة لاقت غضبًا من معارضين اتهموا القيادة الموحدة بالوقوف وراء تسليم المنطقة، وعدم استخدام السلاح في فتح جبهات ضد النظام السوري، خاصة وأن قائد “جيش تحرير الشام”، النقيب فراس بيطار، أبدى استعداده لقتال النظام وروسيا في حال فتح مستودعات الأسلحة التي كانت تابعة لـ “جيش الإسلام” و”قوات الشهيد أحمد العبدو”.
آخر قلاع المعارضة قرب دمشق
أما في الجهة الجنوبية من العاصمة دمشق، توجه النظام السوري لإنهاء ملف المناطق الخارجة عن سيطرته، والمتمثلة بمناطق سيطرة فصائل المعارضة، وأحياء ومناطق أخرى يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية”.
قوات الأسد بدأت بتعزيزات وحشود عسكرية في محيط الأحياء، وتحديدًا في مخيم اليرموك وما حوله، أي النقاط التي يسيطر عليها التنظيم، وأعطت مهلة 48 ساعة لخروج التنظيم، الأربعاء 18 من نيسان.
يسيطر التنظيم على قرابة 70% من مساحة مخيم اليرموك ويتمركز في حي الحجر الأسود (معقله الرئيسي)، ومنطقة العسالي في حي القدم، إضافة إلى سيطرته على قسم من حي التضامن الدمشقي.
وأعلن النظام السوري، الجمعة 20 من نيسان، التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في بلدات يلدا وبيبلا وبيت سحم والحجر الأسود جنوبي دمشق، على أن تخرج دفعات من المقاتلين إلى البادية وأخرى إلى الشمال السوري، لكن مصادر إعلامية لعنب بلدي في المنطقة نفت الاتفاق ووصفت الظروف التي يمر بها جنوب دمشق بـ “الكارثي”.
وفي نفس اليوم، شنت قوات الأسد هجومًا على محور منطقة السليخة في حي التضامن، والتي تخضع لسيطرة فصائل المعارضة وتقدمت على أكثر من نقطة، بحسب مصادر مطلعة من جنوبي دمشق لعنب بلدي، أكدت أن التقدم تزامن مع التمهيد على الأحياء التي تخضع لسيطرة “التنظيم”.
في حين أعطبت “هيئة تحرير الشام” أربع دبابات لقوات الأسد خلال محاولتها التقدم على مواقعها في منطقة الريجة بمخيم اليرموك.
هل يهدف القصف لتدمير المنطقة؟
ناشطون تحدثوا عن قصف مكثف تتعرض له المنطقة منذ عدة أيام، بالتزامن مع دمجها بمخطط “باسيليا سيتي” التنظيمي.
واستبقت حكومة النظام السوري العملية في المنطقة بالإعلان عن مخطط تنظيمي جديد، يمتد من جنوب المتحلق الجنوبي إلى القدم والعسالي وشارع الثلاثين، بحسب ما أقرته محافظة دمشق في اجتماعها، في 26 من آذار.
وتصل مساحة “باسيليا سيتي” (اسم سرياني يعني الجنة) إلى 900 هكتار بما يعادل تسعة ملايين متر مربع، وعدد عقاراته أربعة آلاف عقار.
قسم من مخطط التنظيم الجديد يقع تحت سيطرة تنظيم “الدولة”، وبحسب معلومات عنب بلدي، فإن المنطقة لم تتعرض لدمار حتى الآن، وكان محللون اقتصاديون توقعوا في وقت سابق البدء بمعارك في المنطقة قد تفضي إلى تدميرها، واستخدام ذلك حجة لمنع الأهالي من العودة، على غرار ما حصل في مناطق أخرى كأجزاء من داريا التي شملتها التنظيمات العمرانية.
وبالسيطرة على القلمون الشرقي واقتراب سيطرته على جنوبي دمشق يكون النظام السوري بسط سيطرته على كامل مدينة دمشق وريفها، بعد سنوات من سيطرة المعارضة عليها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :