ريف حماة – إياد أبو الجود
يعوّل المدنيون في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة على التفاهمات الدولية لتحقيق شيء من الاستقرار، بعد سنوات من المعارك والقصف المتواصل.
تمركزت القوات التركية لأول مرة في ريف حماة، في 7 من نيسان الحالي، وذلك في منطقة ضهرة ميسون، الواقعة شرق مدينة مورك، والتي كانت في السابق حاجزًا لقوات الأسد، إلا أن المعارضة تمكنت من السيطرة عليها.
وبدأ الجيش التركي في وقت سابق انتشاره في محافظة إدلب، بهدف تثبيت نقاط مراقبة من أجل وقف إطلاق النار في مناطق “تخفيف التوتر”، التي تم الاتفاق عليها في العاصمة الكازاخية أستانة، مع روسيا وإيران، الضامنتين لوقف إطلاق النار.
ومع تثبيت النقطة التركية بريف حماة تكون الثامنة في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة.
وترافق دخول الأتراك إلى ريف حماة الشمالي مع تفاؤل بين المدنيين بتوقف القصف المستمر من قوات النظام والطيران الروسي.
الوضع الميداني.. قبل وبعد
رئيس مجلس الشورى لبلدة مورك، أسامة أبو جدعان، قال لعنب بلدي، إن ريف حماة الشمالي كان يتعرض لقصف شديد وبشكل جنوني في الفترة الأخيرة، ما أدى لنزوح معظم الأهالي نحو الشمال.
وأضاف أبو جدعان، “تسبب القصف أيضًا في دمار كبير في البنى التحتية، وغياب الخدمات وتراجع كبير في الزراعة والصناعة”.
وأكد القائد العسكري في “الجيش الحر” وأحد أبناء مدينة مورك، محمد أبو الزهراء، أن قسمًا من أهالي ريف حماة الشمالي تهجروا بسبب القصف العنيف المتواصل من قبل النظام والميليشيات المساندة له والطيران الروسي، قبل وصول النقطة التركية.
وفي تقرير للأمم المتحدة، منتصف كانون الثاني 2018، قدرت أن 6700 عائلة نزحت من ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي وحلب الغربي خلال شهر.
تراجع القصف على المنطقة بعد وضع النقطة التركية شرق مورك، بحسب أبو جدعان، لا سيما في المناطق المحيطة بالنقطة مثل مورك، ما أدى إلى عودة بعض أهالي الى المدينة، والبدء بتجهيز بيوتهم للسكن عند شعورهم نوعًا ما بالأمان.
إلا أن القصف ما زال مستمرًا على مدينتي كفرزيتا واللطامنة والقرى الواقعة بينهما، إلا أن أبو الزهراء أشار إلى تراجع عدد الطلعات الجوية في المنطقة إلى نصف ما كانت عليه سابقًا.
تحسن تدريجي في اقتصاد المنطقة
يشهد الوضع الاقتصادي والاجتماعي تحسنًا تدريجيًا بعد عودة الأهالي إلى أعمالهم الزراعية والصناعية والتجارية في مدينة مورك، وفق أبو جدعان، إلا أنه من المبكر الحديث عن تحسن في الواقع الاقتصادي قبل استقرار يدوم أشهرًا على الأقل.
أبو الزهراء يعتبر أن الوضع الاقتصادي سيئ قبل وبعد تمركز النقطة التركية، باستثناء بعض الأنشطة الخدمية كإزالة الركام من الطرقات.
أما قطاع الزراعة فشهد تحسنًا ملحوظًا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مساحات واسعة من الأراضي الزراعية لا يستطيع المزارعون الوصول إليها.
لكن وجود الأتراك ساعد بتسهيل وصول المزارعين إلى أراضيهم، ونشطت حركة البناء والترميم في مورك، ما أدى إلى توافر العديد من فرص العمل.
المزارع محمد العبود من مدينة مورك، تقع أرضه بجوار القاعدة التركية، يقول لعنب بلدي، إن المزارعين عادوا إلى أراضيهم بعد انقطاع دام ثلاث سنوات، لم يصلوا إليها إلا فيما ندر، لقربها من حواجز النظام التي تستهدفها.
هل يتضرر أصحاب الأرض؟
وشاع أن الأرض التي قامت عليها القاعدة التركية تبرع بها مصطفى الفواز، أحد المزارعين في المنطقة.
إلا أن الفواز أكد لعنب بلدي أنه لم يتبرع بأرضه، إنما منحها بموجب عقد سيتم توقيعه خلال أسبوع، وسيدفع الأتراك تعويضًا ماليًا لاستخدامهم أرضه، مشيرًا إلى أنها تضررت من رفع السواتر الترابية عليها.
لكن الفواز ذكر أيضًا أن حركة الزراعة شهدت نشاطًا أكبر بعد تثبيت القاعدة، لافتًا إلى أن المزارعين كانوا يصلون إلى أراضيهم سابقًا، وأن قوات النظام غالبًا كانت تستهدف الجرارات الزراعية الثقيلة، وليس المزارعين إذا كانوا بمفردهم.
وبعد مناشدات شعبية ورسمية من مجلس محافظة حماة، تخوفًا من تقدم قوات الأسد، مطلع نيسان، استطلع وفد تركي مناطق بريف حماة الشمالي، قبيل تثبيت القاعدة شرق مورك، كمدينة اللطامنة وتل فاس ولطمين وبلدة كفرنبودة، كما استطلع تل عثمان ومناطق في سهل الغاب بريف حماة الغربي.
ولا يزال مصير القواعد التركية المقبلة في المنطقة مجهولًا، بينما شهد سهل الغاب بريف حماة الغربي تمركزًا للقوات الروسية بين بلدتي الرصيف وشطحة الواقعة تحت سيطرة النظام السوري.