حرب إسرائيلية- إيرانية متوقعة.. أرضها سوريا
ارتفعت حدة التصريحات المتبادلة بين إيران وإسرائيل في الأيام الماضية، ووصلت إلى مرحلة التهديدات المباشرة حول اندلاع حرب “شاملة” من شأنها تقويض النفوذ العسكري لأحد الطرفين في سوريا، خاصةً عقب الضربات الجوية الأخيرة التي استهدفت مطار “تي فور”، أبرز القواعد الإيرانية.
وبينما يردد الجانب الإسرائيلي أنه لن يقبل بتوسيع إيران لنفوذها في سوريا، تتوسع الأطماع الإيرانية بصورة أكبر من ذي قبل، بعد أن نجحت في تقوية نفوذها في حمص وحماة ودير الزور وريف دمشق، وباتت على مشارف خط وقف إطلاق النار في محافظة القنيطرة.
ورصدت عنب بلدي اليوم، السبت 21 من نيسان، تحليلات نشرتها صحف إسرائيلية وأخرى عربية، أكدت على الحرب المقبلة التي قد تندلع بين إسرائيل وإيران، وستكون سوريا المسرح الرئيسي لها.
إسرائيل تستدرج إيران
البداية في مقالة تحليلية لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، للمحلل العسكري إليكس فيشمان، أكد فيها أن إسرائيل تسعى جادة إلى جر إيران إلى المواجهة العسكرية.
وقال إن ما حدث خلال الأسابيع الأخيرة ليس مجرد صدفة بل خطوات مدروسة تسعى من خلالها تل أبيب إلى استدراج الرد الإيراني على قصف مطار “تي فور”، للذهاب إلى مواجهة عسكرية، موضحًا أن إسرائيل تسعى من وراء ذلك إلى تحقيق أهداف من بينها تقويض قوة “الحرس الثوري”، وفي قضية الاتفاق النووي الإيراني، وحتى داخل إيران نفسها.
وأشار المحلل إلى أن هناك استعدادات إسرائيلية فعلية للمواجهة، وذكر أن سلسلة الأحداث التي حدثت في سوريا، الأسبوع الماضي، ورسائل الدعوة لتعبئة الاحتياط التي وصلت إلى الجنود الإسرائيليين قبل يومين، ليست إلا تعبيرًا حقيقيًا لاستراتيجية الذهاب إلى المواجهة العسكرية الكاملة، وليس الاكتفاء بالرد بـ”ضربة مقابل ضربة”.
واعتبر فيشمان أن التطورات المذكورة تحرك أكثر طموحًا بكثير، فالرد الإسرائيلي مخطط له أن يأتي بعد تنفيذ إيران انتقامها الذي التزمت به علانية.
ومع تصاعد التوتر بين الطرفين هدد “الحرس الثوري” إسرائيل في حال نشوب حرب معها، وقال القيادي، محمد علي جعفري، إن الصواريخ الإيرانية قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي، وأن إيران حاضرة في شرق المتوسط وشمال البحر الأحمر، وأنها سترد على إسرائيل إذا ارتكبت حماقات.
وردًا على التهديد قال وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، “أنصح إيران بعدم اختبار قدرات الجيش الإسرائيلي”.
بينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استعداد الجيش الإسرائيلي لأي تهديد قادم من إيران، مضيفًا “سنتصدى لكل من يحاول إلحاق الأذى بإسرائيل، وجيشنا وقواتنا جاهزون لأي تطور”.
الخطوط الحمراء غير واضحة
وفي سياق التوقعات عن الصدام المقبل، قال السفير الأمريكي السابق لدى سوريا، روبرت فورد، أنه ثمة اتفاق واسع المجال بين المحللين السياسيين في واشنطن، على أن الحرب بين إسرائيل وإيران في سوريا باتت أمرًا لا مفر منه.
وأضاف في مقالة له في صحيفة “الشرق الأوسط” أن موعد المواجهة غير محدد، لكن الموقف الراهن بين إسرائيل وإيران يتغير ويختلف بوتيرة سريعة، إذ أصبحت القوات الإيرانية داخل سوريا أكبر مما كانت عليه قبل ثلاث أو أربع سنوات من الآن، ويربطها تحالف واضح بالقوات الموالية لبشار الأسد وروسيا.
واختلفت التوجهات الإسرائيلية كثيرًا عما كانت عليه في السنوات الأولى من “الحرب” السورية، ونقل فورد عن أحد ضباط الجيش الإسرائيلي أن القوات الإيرانية تملك صواريخ أكثر دقة وأطول مدى من الصواريخ التي كانت بحوزة “حزب الله” اللبناني في عام 2006.
وينتاب الجانب الإسرائيلي القلق بشأن الهجمات الصاروخية الهائلة الآتية من سوريا ولبنان، وبحسب الضابط قد تطغى الصواريخ على الدفاعات الإسرائيلية المضادة.
وينتاب إسرائيل قلق مماثل من أنه في أي مواجهة برية، ستضطر إلى خوض حرب، ليس ضد “حزب الله” فحسب وإنما ضد المقاتلين المحنكين من الميليشيات العراقية، وربما ضد “فيلق القدس” الإيراني ذاته.
واعتبر فورد أن الموقف يكون في غاية التوتر والخطورة عندما تقرر الدول الإعلام عن “الخطوط الحمراء”، بيد أن “الخطوط الحمراء” الإسرائيلية ليست واضحة بجلاء حتى الآن.
بينما لاتزال الخطوط الإيرانية إزاء التصرفات الإسرائيلة مجهولة، إذ تجنبت الأعمال الانتقامية، في أعقاب الهجمات الجوية الإسرائيلية على قاعدة “تي فور”، شباط الماضي، ومرة أخرى خلال الأسبوع الماضي.
وأوضح فورد أن الإدراك الإسرائيلي يزداد لأن تل أبيب لا يمكنها التعويل على المساعدات العسكرية الأمريكية المباشرة ضد الوجود العسكري الإيراني غرب سوريا، وأنه إن أرادت إسرائيل تنفيذ مزيد من العمليات العسكرية، فعليها الانطلاق على هذا المسار منفردة.
تقديرات قبل المواجهة
رئيس تحرير جريدة “المدن” الإلكترونية اللبنانية، ساطع نور الدين، أكد أن الحرب المقبلة “حتمية”.
واعتبر في مقالة له أن التقديرات الإسرائيلية هي أن فرصة المواجهة المباشرة التي ينشدها الإسرائيليون مع إيران محدودة بالأشهر الستة المقبلة، التي تسبق موعد إنتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي، وما يليها من مفاجآت محتملة، أهمها الشروع في مساعي عزل الرئيس ترامب من منصبه، أو على الأقل حصاره في البيت الأبيض.
ويحرم ما سبق إسرائيل من حليف متحمس لمثل هذه الحرب، بل من شريك مرجح في الانضمام إلى معاركها دون تحفظ.
بينما ترتكز التقديرات الإيرانية على أن المواجهة المباشرة في سوريا مع إسرائيل لم يحن أوانها بعد، وما زالت تتطلب الكثير من التحضيرات العسكرية، والسياسية، لاسيما منها قرار ترامب المرتقب الشهر المقبل، بشأن الاتفاق النووي والعقوبات الأمريكية المتصلة به.
وقال نور الدين “إذا فرضت المواجهة، فإن خوضها سيتحول على الفور الى قضية حياة أو موت بالنسبة الى إيران ونظامها السياسي”.
والقاسم المشترك الوحيد بين التقديرات الإسرائيلية والإيرانية، هو أن ترامب ينوي بالفعل الخروج من سوريا وتركها لروسيا.
وفي هذه الحالة يشعر الإسرائيليون، بحسب نور الدين، بإلحاح اللجوء الى المواجهة المباشرة مع إيران، قبل أن يسفر الانسحاب الأمريكي عن توسع إيراني إضافي في سوريا.
في المقابل، يدرك الايرانيون أن تفادي هذه المواجهة أو تأجيلها يمكن أن يضمن لهم تحقيق هذا التوسع وترسيخه بأقل كلفة ممكنة، ودون أي تحديات جدية، حتى في حال تجاوبت الدول العربية مع طلب إدارة ترامب الأخيرة إرسال قوات إلى سوريا لملء الفراغ الأمريكي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :