يبدأ فيلم “Irrational Man” (رجل عقلاني)، بقصة بسيطة للغاية عن الفصل الصيفي في إحدى الجامعات الأمريكية، وقدوم مدرس جديد لقسم الفلسفة فيها، يتصف بالغموض والكآبة والوسامة، ما يعطي انطباعًا أن الفيلم سيدور حول العلاقات العاطفية التي قد تجمع المدرسين بطلابهم.
إلا أن مخرج الفيلم وودي آلن، يأخذ الأحداث إلى منحى مليء بالفلسفة والأسئلة الوجودية حول معنى الحياة والغاية منها، لكن مع حفاظه على البساطة والتوازن دون إغراق ممل بالنقاشات، ومع الحفاظ على حضور الحدث طيلة الفيلم.
يجذب مدرس الفلسفة “آبي”، الذي أدى دوره الممثل هواكين فينيكس، العديد من المعجبين حوله، إذ يُعتبر اسمًا لامعًا بعض الشيء في مجاله، ولديه أفكار رومانسية كئيبة تدفع الآخرين للتعاطف معه بشدة، لا سيما بعد أن فقد صديقه في حرب العراق، وتعرض للخيانة الزوجية.
فشل “آبي” بتغيير حياته مرارًا، بل إنه فقد الرغبة فيها أو الدافع من أجل عيشها، ولم يكن يتورع عن مشاركة أفكاره هذه مع الآخرين، بمن فيهم طالبته “جيل”، التي أدت إيما واتسون دورها.
تتأثر “جيل” بمدرسها الجديد، وتتعلق به عاطفيًا، وتحاول بشتى الوسائل جذب انتباهه وإخراجه من كآبته، حتى تنجح أخيرًا بالدخول معه في علاقة.
إلا أن “آبي” كان قد أخفى عليها السر الحقيقي وراء انجرافه مجددًا مع تيار الحياة، إذ وجد معنى لحياته في شيء نقيض لها، وهو القتل.
يتورط “آبي” بارتكاب جريمة كان يعتقد أنها كاملة، معاقبةً لقاض شرير استغل سلطته للتفريق بين أم وأبنائها، بالرغم من أن “آبي” لا يعرف أيًا من الطرفين، وسمع بالقصة عن طريق المصادفة.
يشعر “آبي” أنه ولأول مرة خرج من عادة الكلام التي تنص عليها الفلسفة، ودخل في مجال الفعل، وأن قراره هذا جعل منه رجلًا عادلًا، وجعل من العالم مكانًا أفضل بقليل عما كان عليه سابقًا، لتخلصه من إنسان شرير.
الفيلم يطرح هذه الأسئلة الوجودية عن معنى الحياة والعدالة والقتل، ضمن إطار رومانسي درامي، ويقدم للمشاهد مادة غنية للنقاش حتى بعد نهاية الفيلم.
–
