رسم الإعلام السوري الرسمي سيناريو لملف الكيماوي في دوما، على طريقته الخاصة، معتمدًا على أطباء من المدينة اضطروا لتسوية أوضاعهم.
ونشرت “الإخبارية السورية” مساء الأحد 15 من نيسان، ما أسمته فيلمًا بعنوان “دوما كواليس الكيميائي”، وقالت إنه يوثق حقيقة ما جرى في دوما ويظهر خفايا القضية.
وكان مساء السبت 7 من نيسان الحالي، شهد قصفًا بحاويات ألقيت من الطيران الحربي تحمل غازات سامة على مدينة دوما، قبل تهجير أهلها بالكامل إلى الشمال السوري على دفعات.
وقتل أكثر من 55 شخصًا وأصيب الآلاف، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إثر قصف بالغازات السامة التي لم تحدد طبيعتها، وسط إنكار من النظام وروسيا اللذين اعتبرا أن الهجوم “مسرحية”.
وعرضت القناة الرسمية أكثر من سبعة أشخاص من دوما، بينهم أطباء وطبيبات وفنيو تخدير، وقالت إنهم “تحدثوا عن لحظات عاشوها خلال تصوير الفيديوهات التي انتشرت على أنها حالات اختناق جراء الاستهداف بأسلحة كيمياوية”.
وفي أول الفيديو، ومدته 16 دقيقة، ظهر شخصان قالت وزارة الدفاع الروسية، في وقت سابق، إنهما شهدا عمليات تصوير “المسرحيات” بخصوص الكيماوي في دوما.
لكن هذين الشخصين هما ممن سووا أوضاعهم لدى النظام السوري، وفق مصادر ما قالت متطابقة من مهجري دوما لعنب بلدي.
وللإجابة عن سؤال “كيف تمت العملية؟”، أفردت “الإخبارية السورية” مساحة لأطباء وممرضين وفنيي تخدير للحديث عن الأمر.
وقال الممرض موفق نسرين ومقيم الإسعاف خليل الجيش، اللذان ظهرا في فيديو لوزارة الدفاع الروسية، إن الناس بدأت تصرخ “كيماوي.. كيماوي” إلا أن الحالات كانت اختناقًا إثر حرائق نشبت بفعل القصف.
وتحدثا عن أن عناصر من “الدفاع المدني” روجوا للأمر، مشيرين إلى أنهما لم يكونا يعلمان بالتصوير في منطقة عملهما.
ثم تحدث أحد الأطباء عن أن ترابًا أصفر ملأ بعض الأبنية، نتيجة انفجار الكتل الترابية، عازيًا حالات الاختناق “لنزول الغبار إلى الملاجئ وسوء التهوية فيها”.
ونفى جميع من ظهر في التسجيل المصور استخدام الكيماوي في دوما.
لكن التسجيلات والصور القادمة من دوما بعد الاستهداف، تثبت استخدام غاز كيماوي، وتظهر أعراضًا تشبه أعراض الإصابة بغاز السارين المستخدم في نفس المنطقة، في آب 2013، بحسب ما قالت مصادر طبية عاينت الحالات لعنب بلدي.
وأظهرت التسجيلات عشرات المدنيين القتلى في ملاجئهم، بعد نزولهم إليها بسبب القصف.
واعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن الهجوم الكيماوي ضد مدنيين في دوما يشكل جريمة حرب تحمل بصمات النظام السوري.
جاء ذلك في مقابلة أجراها المدير التنفيذي للمنظمة، كينيث روث، مع وكالة “رويترز”، الاثنين 9 من نيسان، في مكتبه في جنيف، أكد فيها أن روسيا تشارك النظام السوري المسؤولية الجنائية جراء استخدام الأسلحة الكيماوية.
وعلمت عنب بلدي من أشخاص على اطلاع بالعمل الطبي، ممن هجروا إلى الشمال، أن النظام استدعى معظم أولئك الأطباء أكثر من مرة آخرها إلى فرع أمن الدولة (الخطيب) وطمأنهم على أوضاعهم.
ثم خرجوا فجأة على التلفزيون، بعد أن فرض عليهم الحديث عكس ما مر بهم خلال سبع سنوات، على حد وصف المهجرين.
واعتبر بعضهم أن ذلك “ضريبة قرار البقاء في دمشق”، مؤكدًا أن الأمر انسحب على أشخاص من “الهلال الأحمر” وتعرضوا للوضع ذاته.
كرر “الفيلم” قضية أن “الدفاع المدني” يعمل مع “جبهة النصرة” ومدعوم من بريطانيا لاتهام النظام باستخدام الكيماوي، كما خصص مساحة للحديث عن عمالة “الدفاع” على ألسنة أطباء من دوما.
ومن المقرر أن تبدأ لجنة منظمة الأسلحة الكيماوية عملها للتقصي في دوما، اليوم، بعد اجتماع أمس مع نائب وزير الخارجية في حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، في دمشق.
ورغم تقارير أممية تثبت تورط النظام السوري باستخدام الكيماوي، حاول جر ملف هذا السلاح لصالحه، وساعدته روسيا في ذلك.
بينما غابت الضوابط الأممية في لجم آلة القتل بالغازات السامة وغيرها من الأسلحة، لتصل تحركات النظام دون قيود إلى ترؤس مؤتمر لنزع الكيماوي في الأمم المتحدة، في أيار المقبل.
–