عنب بلدي – درعا
وضع مزارعون سوريون حجر الأساس في مشروع “إدارة المشاتل الزراعية في المنطقة الجنوبية”، أعادوا من خلاله تأهيل المشاتل الزراعية في محافظة درعا، لاستعادة جدوى النشاط الزراعي في المنطقة.
بدأت إعادة تأهيل المشاتل الجنوبية عام 2015 بعد توقف دام ثلاث سنوات بحكم الظروف الأمنية التي عانتها المنطقة منذ بداية النزاع في سوريا، واستطاعت استعادة جزء صغير من نشاطها الزراعي رغم ضعف الإمكانيات والبنى التحتية والدعم المقدم للمشروع.
أصناف زراعية عدة قيد الإنتاج
تحت إشراف مجلس محافظة درعا، بدأ المشروع الزراعي بإعادة تأهيل مشتل “تل شهاب” ومشتل “نهج” لزراعة الأشجار المثمرة والأشجار الحراجية وأشجار الزيتون، بإمكانيات بسيطة افتقرت للبنى التحتية اللازمة لنشاط ضخم كهذا.
إلا أنه وبعد عام من انطلاق المشروع، وبالتحديد عام 2016، تبنت منظمة “مشروع سوريا للخدمات الأساسية” تمويل جميع المستلزمات اللوجستية اللازمة لاستمراره، عبر توفيرها بيوتًا بلاستيكية وشبكات ري ومولدات كهربائية، إلا أنها لم تغطِ أجور العاملين، وفق ما قال مدير مشروع المشاتل بالمنطقة الجنوبية، المهندس خالد الحشيش.
المهندس خالد أضاف لعنب بلدي أن نجاح المشروع في عامه الأول على صعيد كمية الإنتاج، دفع بالجهة الممولة إلى تجديد العقد مدة عام آخر، انتهى عام 2018، ليصبح تمويل المشروع بعد ذلك ذاتيًا يعتمد على مردود الإنتاج.
وعن الأصناف التي تنتجها المشاتل، قال الحشيش إنها أشجار الزيتون بجميع أصنافه، والأشجار المثمرة (التفاح، الخوخ، الدراق، المشمش، الإجاص، السفرجل، العنب وغيرها)، بالإضافة إلى الأشجار الحراجية (الكينا والسرو) وأشجار الزينة (المظلات والمرجان).
وتحدث مدير المشاتل عن إقبال كبير من المواطنين في درعا على شراء الغراس من مشتل “تل شهاب” ومشتل “نهج”، مشيرًا إلى أن إدارة المشاتل لا تتعامل مع التجار لبيع غراسها، بل مع المواطنين مباشرة، لمنع التلاعب بالأسعار.
وقال “عندما بدأنا بالمشروع كان سعر غرسة الزيتون ثلاثة آلاف ليرة سورية، وعندما ارتفع الإنتاج أصبحت الغرسة نفسها تباع بسعر رمزي لا يتجاوز 250 ليرة سورية”.
تغطية محلية وضعف في التصدير
يعتبر مشتل تل شهاب من أقدم المشاتل الزراعية في سوريا، ويعود إنشاؤه إلى عام 1948، حين تخصص بإنتاج غراس الزيتون بطريقة الإكثار الخضري، وكانت وزارة الزراعة تصدر منتجات المشتل من الزيتون إلى أغلب الدول العربية، وخاصة الأردن والعراق والسعودية وقطر والسودان وسلطنة عمان.
وفي عام 2012 توقف المشتل عن الإنتاج بعد خروجه عن سيطرة النظام السوري، فتحولت ملكية الأراضي العامة في المشتل إلى ملكية خاصة، حين بدأ بعض المواطنين استثمار أراضيه مستغلين الانفلات الأمني.
خال الحشيش، مدير المشاتل الجنوبية، قال لعنب بلدي إن أحد أهم أهداف مشروعهم كان الحفاظ على ملكية المشاتل العامة والحيلولة دون تخصيصها، مشيرًا إلى أنهم استطاعوا تحقيق ذلك بفضل إعادة تأهيل تلك المشاتل.
أما عن التصدير، قال الحشيش إنهم ما زالوا يعانون من عقبات عدة على صعيد التصدير، وأشار إلى أن إدارة المشروع تواصلت مع وزارة الزراعة في الحكومة السورية المؤقتة لفتح باب التصدير إلى الأردن، إلا أن عدم وجود مكتب “حجر زراعي” يقوم بفحص ومعالجة المنتجات قبل تصديرها حال دون ذلك، فضلًا عن عجز المعارضة السورية عن إبرام صفقات زراعية مع الدول العربية بسبب عدم الاعتراف بشرعيتها من قبل تلك الدول.
ومع ذلك استطاعت المشاتل الجنوبية، هذا العام، تصدير منتجاتها إلى حماة والقنيطرة وحوران، رغم صعوبة توافر طريق دائم للتصدير بين المحافظات السورية.
في حين يركز إنتاج المشاتل على تغطية الاحتياجات الزراعية للمنطقة الجنوبية في سوريا بشكل كامل، وقامت مؤخرًا ببيع 60 ألف غرسة كينا بسعر 100 ليرة سورية للغرسة الواحدة، أما سعر غرسة المشمش والدراق والخوخ المطعم فيبلغ 200 ليرة، والإجاص بين 300 إلى 400 ليرة للغرسة الواحدة.
صعوبات واحتياجات
مدير مشروع المشاتل تحدث عن عقبات عدة تواجه المشروع، أهمها ضعف الدعم الشهري للعاملين في المشروع، مشيرًا إلى أن مردود الإنتاج غالبًا يغطي التكلفة التشغيلية للموسم الجديد من ثمن المازوت والرمل وأجرة جمع العُقل الزراعية، ولا يكفي لتغطية أجور العاملين ما يهدد استمرارية العمل، على حد قوله.
وأضاف أن مشتل “تل شهاب” كان يستوعب 150 عاملًا قبل عام 2011، وكذلك مشتل “نهج” كان يستوعب 100 عامل، في حين لا يتجاوز عدد العاملين فيهما الآن، من إداريين وفنيين وعاملين، الـ40 عاملًا.
وبحسب الحشيش، لا يتجاوز الراتب الشهري للعاملين في المشاتل، حاليًا، حاجز الـ 35 ألف ليرة سورية، وهو ما لا يتناسب مع غلاء المعيشة في المنطقة.
كما تحدث عن عقبات عدة تمثلت في عدم جهوزية البنى التحتية للمشاتل بشكل كامل، إذ أعيد تأهيل جزء صغير من مشتل “تل شهاب” على مساحة 220 دونمًا، كون التأهيل الكامل يحتاج ميزانية ضخمة، فضلًا عن نقص في احتياجات الطاقة الشمسية وحفر الآبار ونقص مادة المازوت في الأسواق.