السويداء – نور نادر
أصبحت سوريا أرضًا خصبة لتأسيس منظمات وفرق تطوعية مدنية خلال سنوات الحرب الأخيرة، وبالرغم من وجود منظمات عالمية تعمل على تقديم المساعدات والدعم للمواطنين، اخترقت مجموعة من الفرق والمنظمات غير المرخصة هذا القطاع.
في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، يوجد نوعان من المنظمات، الأول مرخص وله أفرع في أغلب المناطق السورية، مثل “الهلال الأحمر” والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، إلى جانب مبادرات محلية عملت على هيكلة كوادرها مع الوقت لتصبح جمعيات معروفة، وتعمل هذه المنظمات على تقديم المعونات الإغاثية والدعم الإنساني والنفسي وحماية الأطفال إضافة إلى تدريبات مهنية وتعليمية.
ويعزى انتشار المنظمات غير المرخصة لعدة أسباب، أبرزها غياب الثقة بالمنظمات المرخصة مع تسييس الملف المدني وتجييره لخدمة أهداف سياسية، أو لوصول هذه الجمعيات بشكل مباشر إلى الفئات المستهدفة، أو للخوف من المساءلة في حال تقديم المساعدة لمن “لا ترضى” عنهم حكومة النظام السوري.
لكن هذا القطاع فتح أيضًا الباب لمستغلين ومتسلقين، استجروا أموالًا لمصالحهم الشخصية تحت تسميات المنظمات المدنية.
طفرة منظمات
وشهدت مدينة السويداء طفرة في منظمات المجتمع المدني، من أبرزها “جذور للعمل المدني”، “توليب لدعم المرأة والطفل”، “ثريا للعمل التنموي”، “فريق أوغاريت”، “حركة البناء الوطني”، “فريق شير”، ومنظمة “بيتي أنا بيتك”.
إحدى العاملات في منظمة “المعهد الأوروبي للتعاون والتنمية” المرخصة، رفضت الكشف عن اسمها، قالت لعنب بلدي إن المنظمة تعد تقارير أسبوعية وشهرية تتضمن أعداد المستفيدين بدقة، وتكاليف تقديم الخدمات مع فواتير نظامية من محلات تحمل سجلًا تجاريًا عن كل المواد التي تشتريها لتنفيذ أنشطتها، وتوقع تلك الفواتير لجنة شراء ولجنة استلام مع عضو مراقب.
المتطوعة عملت أيضًا في أحد الفرق المدنية التطوعية غير المرخصة في المنطقة، والتي لا يمكن أن تقدم هذه الفواتير الرسمية، لأن موظفيها لا يستطيعون تقديم أنفسهم أو إيصالات مختومة باسمهم للمحلات التجارية، لما قد يسببه ذلك من خطر أمني عليهم.
هذه الثغرة استغلها البعض لتقديم نفسه على أنه يدير جمعية أو فريقًا في السويداء، وأنه مفوض من مجلس الإدارة لاستلام مبالغ الدعم، بسبب عدم وجود ترخيص، رغم أنه لا وجود لنشاطات هذه الجمعية على أرض الواقع.
وبالرغم من كثرة الأسماء المتداولة في المحافظة، لا يلمس المجتمع أثرًا كبيرًا نحو تغيير إيجابي، على أكثر من صعيد، حسب قول المتطوعة.
محاذير أمنية تشوش على الشفافية
وتعيب إيناس، الناشطة في مجال العمل المدني، على الورشات التي تنظمها الفرق التطوعية في السويداء، بأنها لا تقدم تعويضات مادية ولا بدل مواصلات، رغم أنها تتلقى دعمًا ماليًا لتغطيتها.
وتشير إلى أن أغلب المشاركين في هذه التدريبات لا تهمهم التعويضات البسيطة ولا يسألون عنها، وإنما الحصول على الفائدة من التدريب.
رامي، وهو متطوع سابق رفض الكشف عن كنيته، قال لعنب بلدي إنه عمل سابقًا بشكل مجاني لعدة سنوات في أحد المشاريع، قبل أن يكتشف لاحقًا أن المسؤولين عن المشروع يتقاضون تعويضات أو بدل تطوع.
وأكد باسل محمد، أحد المسؤولين عن الفرق التطوعية، أن هذه الفرق والمنظمات غير المرخصة تعمل تحت سقف النظام، وبالتالي لا تستطيع الكشف عن تحديد جهات التمويل وقيمته وآلية صرفه أو حتى إرسال فواتير وايصالات نظامية ضمن تقارير العمل، خوفًا من المساءلة.