عنب بلدي – درعا
لا تزال تداعيات خسارة المعارضة لمواقعها في الغوطة الشرقية تلقي بظلالها على المشهد جنوبي سوريا، وتواجه فصائل المنطقة حملة اتهامات شعبية بالتخاذل عن تقديم العون العسكري، وأخرى بالرضوخ للأوامر الدولية بعدم شنّ أي معركة ضد قوات الأسد.
وحتى اليوم تبدو الحملة التي يقودها ناشطون ومدنيون خجولة، فقد بدأت بقطع مجموعة من الطرقات بالإطارات المحروقة، والمطالبة بإعادة هيكلة الفصائل وعزل القادة الحاليين، وسط تحرك أشد على مواقع التواصل الاجتماعي.
تياران للمعارضة في الجنوب
أدهم الكراد، قائد كتيبة الهندسة والصواريخ والقيادي في غرفة عمليات “البنيان المرصوص”، صنّف، عبر صفحته في “فيس بوك”، فصائل المعارضة إلى تيارين اثنين، الأول المتحدي لإرادة الدول الخارجية، والثاني الآخذ بتطمينات هذه الدول بتحييد المنطقة الجنوبية عن الحرب، لينجح التيار الثاني بفرض رأيه وتعطيل العمل العسكري الذي كان من المفترض انطلاقه خلال الأسابيع الماضية ضد مواقع قوات الأسد.
بينما أوضح قائد فرقة “أسود السنة” التابعة للمعارضة، محمد المحاميد، أن التأثير الخارجي كان كبيرًا على مشهد المنطقة الجنوبية، وأضاف أن “الدول وصلت إلى ما ترنو إليه”، محملًا مسؤولية ما حصل للقرار الداخلي.
ودعا الفصائل العسكرية إلى مواجهة ما وصفها بـ “المؤامرة”، التي اعتبر أنها في أوج قوتها اليوم، قائلًا “أدعوكم ونفسي إلى رص الصفوف ورفض التبعيات والأجندات والانتماءات التي من شأنها شق الصف ولفظ كل مكون لا تكون على رأس أولوياته المصلحة الوطنية العليا ونصر الثورة”.
وفي السياق، وجه الشيخ فيصل أبا زيد، أحد وجهاء مدينة درعا، سؤالًا لفصائل المعارضة ذات القدرات العسكرية الكبيرة المتهمة بتعطيل العمل العسكري، وقال إن “السلاح الذي تخزنه الفصائل إن كان ملكًا شخصيًا فلا كلام لنا، وإن كان للثورة فلا يحق لأحد أن يمنعه عن الثورة والثوار، نرجو أن يفهم القادة ذلك”.
وناشد الشيخ قادة الفصائل بـ “عدم التمسك بالإيحاءات الخارجية”، في إشارة منه للتطمينات التي أرسلتها عدة دول بتحييد المنطقة الجنوبية عن المعارك، مضيفًا أن “قادة الفصائل لا يزالون يصدقون هذه الإيحاءات من الداعمين، لذلك يعملون على تعطيل أي عمل حقيقي ضد قوات الأسد”.
وبحسب ما قال أبا زيد، “فات هؤلاء أن قادة الفيلق والأحرار والجيش (فصائل الغوطة الشرقية) قد ملؤوا جيوبهم وبطونهم من هذه الإيحاءات التي في النهاية لم تغن عنهم شيئًا”، في إشارة إلى أن ذات التطمينات كانت تتلقاها فصائل المعارضة في الغوطة، والتي لم تمنع قوات الأسد من شنّ عمل عسكري واسع، بدعم روسي، انتهى بسيطرتها على الغوطة مؤخرًا.
أربعة حلول من “أحرار الشام”
بدوره، ذهب الشرعي والقيادي في “حركة أحرار الشام” في الجنوب، أبو ثابت الكفري نحو البحث عن الحلول، وطالب بأربع خطوات تمثل “أولويات المرحلة الحالية في حوران في ظل الظروف الراهنة”.
واعتبر الكفري، عبر حسابه في “تلغرام”، أن جيشًا موحدًا بقيادة عسكرية واحدة ذات كفاءة وقرار داخلي هي الخطوة الأولى لتجاوز المرحلة، تعقبها محكمة قوية جديدة يدعمها هذا الجيش لتقوم ببسط الأمن ومحاسبة المفسدين ومكافحة عملاء النظام و”الدواعش” و”عرابي المصالحات”، بحسب تعبيره، في إشارة إلى الفشل الذي أصاب محكمة دار العدل في حوران.
وقال الكفري إن “تحسين الجبهات على خطوط النظام بالإضافة لعمل عسكري على الدواعش وتنظيف المنطقة وتحريرها منهم هي المتمم لخطوات الحل”.
ما بين حالة الشد والجذب وتبادل الاتهامات، فإن الحقيقة الوحيدة التي لن تغيرها هذه التطورات أن الغوطة الشرقية باتت ضمن نفوذ قوات الأسد، وعلى مدار أكثر من شهرين من الحملة التي شُنت على الغوطة اكتفت فصائل محافظة درعا بالترويج للمعارك على مواقع التواصل الاجتماعي دون أي تحركات على الأرض، واليوم أصبحت المواقع نفسها ساحة لشن هجمات على قادة الفصائل، وليس من الواضح بعد، إن كانت هذه الهجمات ستبقى على شبكة الإنترنت أم ستنتقل إلى الأرض.