تعا تفرج
جيش الإسلام 100 كف على غفلة
خطيب بدلة
كان من حق جيش الإسلام، ومن واجبه، التشبث بأرض دوما، والتريث في توقيع الاتفاق مع الروس لإخراج المقاتلين وعائلاتهم إلى إدلب، لأن احتلال أرض ما، والتشبث بها زمنًا طويلًا، أمرٌ ثبتت صحتُه وجدواه منذ أن أعلن الجيش الحر في أواخر سنة 2012 بدء معركة تحرير حلب، ثم إدخال هذا الإعلان إلى حيز التنفيذ، والتغلغل بين الأهالي، الأمر الذي اضطر جيش النظام المجرم للبدء في قصف الأحياء السكنية، وأنا كنت حينئذ في حلب، وكنت أرى، بالعين المجردة، طائرات الهليوكبتر وهي ترش الرصاص على المناطق الشرقية مثلما ترش الطائرات الزراعية المبيدات الحشرية على الكروم، وهذا أحرجَ النظام المجرم بالطبع. وبدأ الجيش الحر يتوسع في أخذ مناطق جديدة من حلب، ويزداد تورط النظام المجرم في رفع سوية إجرامه، فما عادت الهليوكبتر ترش رصاص الـ “PKS” على سكان حلب، بل البراميل، وخرست المدفعية التقليدية، وحل محلها السكود وحمولات السوخوي والكيماوي.
لم تكن روسيا متورطة في القضية السورية آنذاك، وعدد فيتوهاتها في مجلس الأمن لم يكن يتجاوز الثلاثة أو الأربعة، ولكن تشبث المقاتلين بالأرض، ثم تسليم معظم المناطق لجبهة النصرة، زاد في إحراجها، وجعلها تتدخل في الشأن السوري متسلحة بأمرين لا ثالث لهما، الأول تطبيق أنموذج غروزني، والثاني إغلاق مجلس الأمن في وجه أي مشروع، تاركة لزملاء الغزو الإيرانيين إتمام عمليات التغيير الديموغرافي، وأما النظام السوري فقد أعطي الصلاحيات الكاملة في التنسيق بين الغزاة، معتمدًا على القاعدة الذهبية التي أعلنها وليد المعلم “اللي بده يعتدي على سوريا يعتدي، بس لازم ينسق معنا”!
يخطئ من يظن أن الإنسان يمكن أن يتلقى صفعة واحدة على غفلة، وبعدها يتيقظ، فالنظام السوري كان، وما يزال يشتغل ضمن خطة لا يعجز الأطفال الصغار عن اكتشافها، وهي محاصرة المنطقة التي يسيطر عليها الجيش الحر، أو الفيالق، أو النصرة، أو الأحرار، ويبدأ بتجويعها، ومنع الإعلام الحر من دخولها، ومنع الأمم المتحدة من إدخال المساعدات إليها، ثم تأتي جيوش الدول الثلاث، مع شوية ميليشيات “فراطة”، ليمسحوا هذه المنطقة عن سطح الأرض، ولكن، وقبل أن يتمكنوا من مسحها بالكامل، يوقّع “الشباب” اتفاق الخروج، وتأتي الباصات الخضراء لتشحنهم إلى إدلب، وتبدأ التبريرات: واللهِ ما كانوا لينالوا منا لولا القصف الجوي الروسي الهمجي.. المهم أنهم يذهبون إلى إدلب بعد أن يعيدوا للنظام والإيرانيين والروس معتقليهم، ويحتفظوا بأبناء ثورتهم، لأن هؤلاء ليسوا بحاجة للحرية أصلًا، فهم إما كفار أو خوارج!
قبل حلب، وقبل الغوطة، تكرر السيناريو نفسه، في مناطق كثيرة، لا باص أخضر زاد، ولا مُهَجَّر نقص، ولا أمريكا غيرت موقفها، ولا روسيا تراجعت، ولا إيران تخلت عن حلمها في احتلال سوريا، ولا الحيوان صار إنسانًا يرأف بحال الشعب، ولا توقف المجاهدون عن الاقتتال فيما بينهم قبل قدوم الروس ومَنْ معهم لقتل المدنيين ونقلهم بالباصات الخضر، ولا أحد في العالم توقف عند براميل أو سكود.. وكنا، وما نزال، وسنبقى نأكل مية صفعة على غفلة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :