حراقات خاصة للتكرير واحتكار يؤدي لرفع الأسعار
دير الزور تشهد أزمة في تأمين المحروقات
محمد حسان – دير الزور
مع دخول فصل الشتاء تزداد صعوبة تأمين وقود التدفئة لدى أهالي دير الزور، وذلك لعدة أسباب أبرزها العائق المادي، بالإضافة إلى فصل النظام عددًا كبيرًا من الموظفين من أبناء المحافظة؛ وبينما تشهد المنطقة الشرقية تراجعًا كبيرًا في الحركة الاقتصادية، يبني أشخاص ثرواتهم الخاصة عبر حراقات لتكرير النفط واحتكارها ثم بيعه إلى التجار.
وتعتبر دير الزور من أغنى المحافظات السورية بمادتي النفط والغاز، حيث تحتوي على ثمانية حقول نفطية أهمها حقول العمر والورد والتنك والتيم، إضافة لمعمل غاز كونيكو في الريف الشرقي للمحافظة. لكن بعض هذه الحقول خضعت أواخر عام 2012 إلى سيطرة فصائل عسكرية معارضة، إضافة إلى سيطرة بعض العشائر على آبار أخرى، ومن ثم انتقلت جميع هذه الحقول والآبار لصالح تنظيم «الدولة الإسلامية» بعد سيطرته على المحافظة.
ويباع النفط لتجار يقومون بتكريره بمصاف محلية تقليدية تدعى «الحراقات»، وهي عبارة عن خزانات يوضع بها النفط ويشعل النار تحتها إلى أن تنفصل المكونات من نفط خام إلى مشتقات كالمازوت والبنزين والكاز.
وفي الآونة الأخيرة استخدمت المصافي الكهربائية التي تعطي جودة عالية نسبيًا للمشتقات النفطية وتقلل من الخطورة على العاملين والبيئة، حيث تعتبر منتجات هذه المصافي هي المصدر الوحيد للوقود بعد توقف تزويد دير الزور بالمحروقات بقرار من حكومة الأسد صدر في شهر آذار لعام 2013.
وتشهد دير الزور هذا العام ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المحروقات تضاعف بنسبة 40%، ويعود الارتفاع لعدة أسباب أهمها الحملة التي أعلنتها قوات التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة» في أيلول الماضي، حيث كان لدير الزور نصيب كبير منها، واستهدفت هذه الغارات حقولًا نفطية وآبارًا ومصافٍ تخضع للتنظيم.
واستهدفت طائرات التحالف حقل التنك في الريف الشرقي، وحقل العمر وحقل غاز كونيكو وآبار الحسيّان في بادية البوكمال، إضافة إلى تدمير أكثر من سبعة مصافي نفطية كبيرة تابعة للتنظيم وأهالي المنطقة.
يقول أحمد، وهو صاحب أحد حراقات النفط في المحافظة، إن ارتفاع أسعار المحروقات مرتبط إضافة إلى غارات التحالف، بسياسة تنظيم «الدولة» التي أدت إلى نقص حاد للمادة الخام، بعد بدء التنظيم بيعها لتجار غير محليين وخاصة العراقيين.
ويعاني سامر، أحد أهالي مدينة الميادين، من عدم تأمين المال الكافي لشراء الوقود الخاص بالتدفئة حتى الآن، بسبب الوضع الاقتصادي السيء الذي يعيشه مع عائلته وأطفاله الستة، وذلك بعد فصله من قبل وزارة التربية التي كان يعمل بها بسبب مشاركته بالمظاهرات ضد نظام الأسد، إضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات وندرتها في الآونة الأخيرة.
وتظهر أسعار المشتقات، إذا ما قورنت بسابقاتها من الأعوام، ارتفاعًا ملحوظًا، إذ كان برميل المازوت الذي سعته 220 لترًا يباع بـ 8 آلاف ليرة سورية، لكنه وصل اليوم إلى 18 ألف ليرة، مع توقعات بازدياد جديد قد يطرأ مع استمرار القصف وممارسات التنظيم.
ويقول عبد الله أحد أهالي مدينة دير الزور، أنه «مع قدوم برد الشتاء يقوم أصحاب مصافي النفط وتجار المشتقات باحتكار هذه المواد، والتي تعد أهم احتياجات الأهالي للتدفئة والإنارة في ظل انقطاع التيار الكهربائي أيضًا، إضافة لبيع المنتجات إلى تجار المحافظات الأخرى، الذين يدفعون بدورهم أسعار أكثر من أسعار المستهلكين المحليين، محققين مكاسب ربحية أكبر».
ويرى مراقبون أن استمرار أزمة المحروقات من المحتمل أن تسبب كوارث إنسانية جديدة تعصف بالمنطقة الشرقية في ظل استمرار المعارك ودخول فصل شتاء جديد يبدو قاسيًا على السوريين بمعظمهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :