تراجعت حدة التصريحات المهددة بضربة عسكرية في سوريا، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
وبعد تهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالرد على هجوم كيماوي في مدينة دوما شرق دمشق، قال اليوم، عبر تغريدة في حسابه في “تويتر”، إنه لم يحدد موعد الضربة وربما تكون قريبة أو ربما لا تكون قريبة على الإطلاق”.
ويعتبر هذا التصريح تراجعًا في حدة الموقف، إذ قال أمس “تتعهد روسيا بإسقاط جميع الصواريخ التي تطلق على سوريا (…) استعدي لها (للصواريخ) لأنها سوف تكون قادمة لطيفة وجديدة وذكية”.
ودعا روسيا بألا تكون شريكًا لـ ”حيوان الغاز القاتل”، في إشارة إلى رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وتعهد ترامب في اجتماع له منتصف ليل الاثنين الماضي برد “قوي”، قائلًا إن القرار سيتخذ سريعًا ردًا على الهجوم.
وتعرضت مدينة دوما في الغوطة، السبت الماضي، لهجوم كيماوي، أدى إلى مقتل أكثر من 60 مدنيًا وإصابة ألف آخرين بالاختناق، بالتزامن مع ذكرى ضربة مطار الشعيرات العام الماضي، التي جاءت ردًا على مجزرة خان شيخون الكيماوية.
ورغم تلويح وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، بأن لدى الإدارة الأمريكية الصلاحيات القانونية لشن ضربة عسكرية في سوريا، ترك الباب مفتوحًا بالقول “لا دليل ملموس لدينا حتى الآن على استخدام نظام الأسد الكيماوي هذه المرة”.
وفي تصريح هو “الأضعف”، في سلسلة التصريحات الأمريكية خلال الأسبوع الحالي، قال ماتيس “لدينا قوات في سوريا، وقد يطالها الكيماوي إذا استخدم في مرة مقبلة”.
قنوات أم مواصلة تنازلات أخيرة؟
وقد يكون هذا الموقف اليوم، فرصة لفتح قنوات دبلوماسية أو للحصول على تنازلات أخيرة، كالمحاولات التي تقودها تركيا، برئاسة رجب طيب أردوغان، الذي أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، غداة اتصال مشابه مع ترامب.
وأكد أردوغان اليوم وقوفه بجانب حليفه الأمريكي بشأن شن ضربة في سوريا، وتأكيده في مكالمته مع بوتين على “كيفية وقف المجازر الكيماوية”.
إلا أنه لم يعلن رسميًا عن فحوى المكالمة مع الطرفين.
ولم تغلق الإدارة الأمريكية الباب أمام توجيه الضربة، إذ يجتمع ترامب اليوم مع مجلس الأمن القومي لاتخاذ قراره بشأن سوريا.
وأكد وزير الدفاع ماتيس أنه سيشارك في هذا الاجتماع لتقديم خيارات للرئيس.
لجنة حظر الكيماوي إلى سوريا
وبالتزامن، وصل خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى مطار رفيق الحريري في بيروت متجهين برًا نحو الأراضي السورية.
وكان النظام السوري وجه دعوة رسمية إلى منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية للتوجه إلى الغوطة الشرقية والتحقيق في استخدام غازات سامة.
من جانبه، دعا حلف شمال الأطلسي (الناتو) النظام السوري إلى تأمين وصول المراقبين إلى موقع استخدام الكيماوي في دوما.
فيما قالت روسيا إنها مستعدة لضمان أمن خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وجاء ذلك على لسان المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، التي قالت في مؤتمر صحفي، اليوم، إن لدى بلادها “مقاطع مصورة لتمثيليات ملفقة قام بها المسلحون في سوريا”.
وأضافت أن المشاهد التي تم تصويرها في دوما حول استخدام غازات سامة “كلها ملفقة”.
ماذا يقول الخبراء؟
وفتحت التصريحات الأمريكية وتحرك البارجات في البحر المتوسط الباب أمام تحليلات لخبراء عسكريين، وضباط سابقين في الولايات المتحدة.
وتوقع مركز “ستراتفور” المخابراتي، وفق ما ترجمت عنب بلدي عنه أمس، أن تتطلب الضربات الموسعة مشاركة قطع عسكرية وحاملات طائرات متعددة، مشيرًا إلى أنه “كان مقررًا أن تتحرك حاملة الطائرات الأمريكية (هاري ترومان) وسفن الإسناد المرافقة لها أمس من فيرجينيا إلى المتوسط”، متوقعًا أن يستغرق وصولها أسبوعًا.
ولفت إلى أن حاملة الطائرات “تيودور روزفلت” يمكن أن تتحرك من موقعها وسط المحيط الهادي.
وتحدث المركز عن اتساع نطاق الضربة المتوقعة على خلاف ما جرى العام الماضي في الشعيرات شرقي حمص، “لتقوض قدرة النظام السوري على تنفيذ هجمات بأسلحة كيماوية”.
ووفق معلومات “ستراتفور”، يمكن أن تستهدف غارات أمريكا وربما من يتحالف معها، مطارات الضمير والمرج والمزة المنتشرة حول دمشق، والتي لعبت دورًا بارزًا في هجمات النظام على الغوطة.
وقد تشمل العمليات العسكرية “مجموعة واسعة من المواقع الأخرى التي تحتوي على أسلحة كيماوية”، معتبرًا أنه “إذا قررت واشنطن الانتقال إلى مستوى آخر، يمكنها الحد من مقدرة دمشق على استخدام الأسلحة الكيماوية”.
كما لفت إلى “ضرورة التركيز على الوسائل التي يمكن للنظام من خلالها استخدام الأسلحة الكيماوية، متمثلة بالقوات الجوية والصواريخ الباليستية، والعتاد المدفعي”.
–