أسماء رشدي
قد يمر الأطفال ببعض الخبرات الضاغطة أو الصادمة لهم، وقد لا تدخل عقولهم بطريقة طبيعية، لتبقى عالقة بأذهانهم أو خارج نطاق إدراكهم.
لذلك يمكن للمشاعر المرتبطة بهذه الخبرات أن تبقى عالقة أيضًا، وغالبًا ما تسبب مشاكل عاطفية وسلوكية لدى الأطفال قد يلاحظها الكبار، ولمعالجة هذه الخبرات لا بد من التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم والتوصل إلى فهم جديد لهذه الأحداث، وبالتالي تغيير سلوكهم؛ هذا يشبه ما يفعله الكبار عندما يتحدثون إلى أخصائي نفسي عما يعانوه.
أما بالنسبة للأطفال فالأمور مختلفة، إذ يعتبر الموضوع أعقد بسبب عدم قدرة الأطفال على التعبير عن مشاكلهم من خلال استخدام الكلمات، إما لصغر سنهم أو لصعوبة وصف ما مروا به.
لكننا نعلم أن الأطفال يعبرون عن أنفسهم من خلال اللعب أفضل بكثير من خلال التحدث، فهم قادرون على استخدام خيالهم والتعبير عن أنفسهم بشكل رمزي.
هذا يعني أن الخبرات التي عاشها الطفل وتركت أثرًا فيه سوف تظهر في سلوكيات اللعب؛ على سبيل المثال فالطفل الذي شهد حادث سيارة سيظهر ما يشعر به حين يلعب صدم السيارات بعضها ببعض.
عندما يلعب الأطفال بطرق مشابهة للمواقف الصعبة التي خبروها أو الأحداث المؤلمة التي مرت بحياتهم، فإن ذلك يعتبر لعبًا مفيدًا ويدعى باللعب العلاجي، إذ تطفو المشاعر والذكريات التي كانت عالقة على السطح، وقد يأتي بتغييرات إيجابية داخل الطفل بدون أن يتحدث عما يعانيه بالكلمات.
بالإضافة إلى ذلك، يحصل الأطفال على فهم أفضل لما يحدث حولهم، ويكونون قادرين على التعامل والتكيف مع المواقف التي يشهدونها، وقد يعطيهم اللعب فرصة للتواصل مع مخاوفهم وقلقهم ومشاكلهم وأمنياتهم ورغباتهم من الآخرين، حتى لو تمّ ذلك بشكل رمزي.
وبشكل مشابه يمكن للوالدين أو المسؤولين عن رعاية الطفل أو حتى المعالج النفسي أن يستخدم اللعب كأداة لتصحيح وتوفير المعلومات التي من شأنها مساعدته على تطوير وجهات نظر أكثر تكيفًا عن حالة معينة.
على سبيل المثال، الطفل الذي يعتقد أنه تسبب بوفاة والده حين أغضبه، فيمكن مساعدته عن طريق جلب دمية حكيمة، تخبر الطفل بأن والده توفي لأنه كان مريضًا أو بسبب الفوضى التي تعم البلاد، إذا كان قتل أثناء القصف، وأنه ليس من ذنب الطفل أو لكونه غاضبًا، وبذلك يمكن مساعدته على تصحيح هذا الاعتقاد والتخلص من مشاعر الذنب، وتشجيع أفكار أكثر إيجابية.
كما يمكن استخدام مسرح العرائس لإظهار الاختلاف بين التعاون والقتال، أو الاختلاف بين مشاركة أشياء الطفل مع الآخرين أو بين كونه أنانيًا؛ ومن الممكن أن يساعده ذلك على تعلم سبل أكثر صحة للتفاعل، وطرقًا للتعامل مع المواقف الصعبة.
لتحقيق هذه الأهداف هناك عدة أدوات يمكن استخدامها مثل الدمى (السيارات والقطارات، العرايس، أشكال الحيوانات)، ألعاب الذكاء (حل المشكلات)، والألعاب التمثيلية (التمثيل المسرحي، لعب الأدوار).