عنب بلدي – إدلب
فتح أهالي الشمال السوري أذرعهم لأكثر من 50 ألف مدني هُجروا من الغوطة الشرقية قسريًا، خلال الأسابيع الأخيرة، عقب خمسة أعوام من الحصار والمعاناة.
وعلى الرغم من تقلّص الطاقة الاستيعابية لمحافظة إدلب، تمكن منسّقو الاستجابة في الشمال السوري، وبالتعاون مع الأهالي وبعض المنظمات والجمعيات المحلية، من منع حدوث أزمات، ونقل أهالي الغوطة من نقطة التجمع “صفر” في بلدة قلعة المضيق، إلى مراكز إيواء مؤقتة، قبل أن يُؤمّنوا في مساكن.
يتولّى مكتب التنسيق والدعم شمالي سوريا المهمة الأولى بعد أن تصل حافلات المهجرين من الغوطة الشرقية إلى “ساحة التهجير” في قلعة المضيق، حيث يكون متطوعو وعاملو المنظّمات والجمعيات الإغاثية بانتظارهم، وفق مسؤول منظمات الشمال في مكتب التنسيق، عبيدة دندش.
ويضيف دندش لعنب بلدي، “تقدّم عدة منظمات ما يلزم للأهالي من مياه ووجبات، إضافة إلى حليب للأطفال ومتممات غذائية، وبعد هذه الاستراحة، تؤمّن إحدى المنظمات باصات إلى مراكز الإيواء”.
وتشير إحصائية لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” إلى أن عدد مراكز الإيواء في إدلب وريفي حماة وحلب وصل إلى 168، تستوعب ما يزيد على 12700 عائلة من مختلف مناطق الغوطة الشرقية.
اندفاع أهلي وغياب للمنظمات الأممية
تتولى جمعيات محلية في المدن والبلدات التي تضم مراكز إيواء مساعدة مهجري الغوطة لتأمين المساكن، بمساعدة الأهالي والمجالس المحلية، ويشير دندش إلى أن المنظمات الدولية والأممية لم تقدم دعمًا يذكر، لافتًا إلى أن الجمعيات المحلية إضافة إلى بعض الجمعيات والمنظمات قدمت مساعدات لأهالي الغوطة.
المدنيون قاموا بجزء مهم من عملية دعم وإغاثة مهجري الغوطة، بحسب دندش، إذ تشاركت مئات العائلات في بلدات ومدن الشمال السوري منازلها مع عائلات أخرى وصلت حديثًا من الغوطة الشرقية.
عشرات المحال التجارية ودكاكين البقالة والخضراوات عرضت تقديم السلع والمواد الغذائية دون مقابل مادي، في محاولة لتخفيف أعباء التهجير عن أهالي الغوطة.
من الناحية الطبية، تقوم فرق الإسعاف ومجموعات من الأطباء باستقبال الجرحى المرضى عند “النقطة صفر”، لنقلهم إلى عيادات متنقلة أو إلى مراكز ونقاط طبية أخرى.
محمد طعمة، أحد المهجرين من الغوطة الشرقية، تحدث لعنب بلدي عن الاستقبال الحافل الذي لاقاه بعد وصوله إلى قلعة المضيق، لافتًا إلى جودة الخدمات التي قُدمت وحسن معاملة متطوعي الجمعيات والأهالي.
مخاوف ما بعد التهجير
تؤوي محافظة إدلب 2.5 مليون نسمة بينهم أكثر من مليون نازح من مناطق أخرى، ومع وصول أكثر من 50 ألف مهجر من الغوطة الشرقية، تدور تساؤلات حول إمكانية استيعاب مزيد من المدنيين وتأمين أماكن لسكنهم وموارد تكفي لسد احتياجاتهم.
مسؤول مكتب تنسيق منظمات الشمال، عبيدة دندش، أشار إلى أن التغطية لاحتياجات المهجرين تامة لحد الآن، ويتم توفير ما يلزم لهم، على الرغم من غياب دعم المؤسسات الدولية والأممية.
لكن هذه المخاوف تأخذ شكلًا آخر لدى بعض مهجري الغوطة، إذ يشير محمد غنوم، وهو أحد المصابين الواصلين من الغوطة الشرقية إلى ريف حماة، إلى أن الاستقبال كان جيدًا من قبل الكوادر الإنسانية والطبية، لكنه أبدى تخوفه من حالة عدم الاستقرار في الشمال السوري.
وأضاف غنوم لعنب بلدي “تم تأميننا في المدارس والمشافي وتقديم كل ما يلزم، لكن بعض الحالات المرضية لم تلقَ العناية الكافية، كونها تحتاج إلى العلاج في الخارج”.
ويبدي خشيته من “أن يتكرر سيناريو الغوطة في إدلب”، ويضيف “نحن كمهجرين نريد أن نكون تحت حماية دولية، لا نريد أن نتعرض للتهجير والقتل مرة أخرى”.