عنب بلدي – خاص
يعود تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى البادية السورية من جديد، ضمن هجوم مفاجئ بدأه على مواقع قوات الأسد، وسيطر خلاله على نقاط “استراتيجية” وضعته على الجهة الجنوبية لمدينة القريتين شرقي حمص، وسط تساؤلات عن هدفه، سواء الاستمرار في التقدم باتجاه القلمون الشرقي أو التراجع إلى مواقعه السابقة كعملية “مباغتة” للاستيلاء على السلاح فقط.
وجاء تقدم التنظيم بعد انسحاب شهدته جبهاته منذ قرابة عام، على خلفية معركة بدأتها فصائل المعارضة العاملة في المنطقة، تمكنت خلالها من طرده إلى النقاط الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور.
وتشمل البادية مناطق واسعة تمتد من شرق السويداء وريف دمشق الجنوبي وريف حمص وحماة، وصولًا إلى المنطقة الشرقية (دير الزور)، وتشهد صراعًا أمريكيًا روسيًا، زادت حدته تصريحات موسكو الرسمية، التي اتهمت واشنطن بالتجهيز لضرب النظام واستهداف قواته بأسلحة ثقيلة وطائرات وصواريخ “كروز”.
أربع مناطق دون قتال
تقدم التنظيم جاء مساء السبت 7 من نيسان، وقالت مصادر إعلامية من مدينة القريتين لعنب بلدي إنه سيطر على منطقتي السبع بيار وحاجز ظاظا في البادية الشامية، بالإضافة إلى بئر الغاز الواقع جنوب مدينة القريتين.
وأضافت المصادر أن التقدم جاء بعد انسحاب قوات الأسد من موقعها دون أي قتال، مشيرةً إلى أن التنظيم يحاول الوصول إلى منطقة المحسة شرقي القريتين، والتي انسحب منها في آذار العام الماضي.
وبالعودة إلى الأشهر الأولى من 2017، سيطرت فصائل “الجيش الحر” على مناطق واسعة من نفوذ التنظيم، أبرزها “بئر الأفاعي” و”جبال الأفاعي” و”جبل الظبعة” وجبل “الزبيدي” وجبل “النقب”، إلى جانب مناطق “سرية البحوث العلمية”، سد “أبو ريشة”، “حاجز المكحول”، “حاجز ظاظا”، منطقة “السبع بيار” في الأرياف الشرقية لمحافظات دمشق وحمص والسويداء.
لكن جبهاتها شهدت تراجعًا كبيرًا في أواخر 2017 لصالح قوات الأسد والميليشيات الإيرانية، لتنحصر في محيط قاعدة التنف الحدودية، ومدن القلمون الشرقي.
ولم يعلّق التنظيم على توسعه في البادية، كما لم يصدر أي بيان من قبل قوات الأسد حول انسحابها من المنطقة.
وبحسب خريطة السيطرة الميدانية تقدم التنظيم من الجيب الذي يسيطر عليه غربي مدينة البوكمال، وبلغ طول المسافة التي سيطر عليها قرابة 160 كيلومترًا.
ويقع حاجز ظاظا الذي سيطر عليه التنظيم على مثلث تدمر، وتأتي أهميته كونه خط دفاع أول عن مطار السين من جهة، كما يشكل خطرًا على فصائل “الجيش الحر” العاملة في قاعدة التنف ومنطقة 55 كيلومترًا.
بينما تطل منطقة السبع بيار على مطار السين والضمير وعلى أوتوستراد بغداد وأبو الشامات، وتربط ريف السويداء بريفي دمشق وحمص الشرقي.
ماذا يريد التنظيم؟
شن تنظيم “الدولة” بعد انسحابه من مدينة البوكمال عدة هجمات على مواقع قوات الأسد في محيط دير الزور وصولًا إلى البادية الشامية، وأعلن في الأيام الماضية مقتل العشرات من قوات الأسد في محيط المحطة الثانية.
ويتزامن تحرك التنظيم مع تهديدات وجهتها قوات الأسد للفصائل العسكرية العاملة في القلمون الشرقي بالانسحاب من المنطقة أو البقاء فيها وتسليم السلاح والقبول بالتسوية.
كما تأتي بعد معلومات حصلت عليها عنب بلدي، آذار الماضي، عن نية الفصائل المدعومة أمريكيًا في البادية، بدء عمل عسكري واسع بهدف السيطرة على مساحات تصل إلى حدود محافظة دير الزور.
وبحسب المحلل العسكري، العميد الطيار حاتم الراوي، فإن منطقة البادية عبارة عن جغرافية منبسطة واضحة المعالم خالية من التضاريس تساعد على التخفي، مؤكدًا أن أي طرف عسكري لا يمكنه التحرك فيها إلا بوجود الطيران، ويرتبط ذلك بوجود طرف إقليمي وراء تقدمه.
وقال الراوي لعنب بلدي إن تحرك تنظيم “الدولة” يأتي خدمة لأمريكا، التي أطبقت الحصار على روسيا داخل سوريا بعد أن سيطرت على مساحة واسعة من الحدود السورية مع العراق والأردن وجزء من تركيا.
ولا يستبعد المحلل العسكري أن يكون تحرك التنظيم في المنطقة كي تجد أمريكا ذريعة لربط منطقة التنف مع القلمون الشرقي، ضمن العملية التي دار الحديث عنها في الأيام الماضية.