بين ثلاث حكومات.. من يمسك قبضة التعليم في إدلب؟
انعكس تذبذب الوضع السياسي في إدلب على قطاعات حياتية مختلفة في المحافظة، كان التعليم أحد أبرز المتأثرين به، بوجود ثلاث وزارات للتربية والتعليم، تسعى كل منها إلى إحكام قبضتها على المدارس والجامعات وجميع المؤسسات التعليمية بطلابها وكوادرها.
بين “الإنقاذ” و”المؤقتة” و”النظامية” تشتت قطاع التعليم في إدلب، مواجهًا مشكلات عدة أهمها غياب المنهج التعليمي الموحّد والمعتمد للتدريس، وغياب جهة رسمية تعتمد بشكل دائم أجور ورواتب المدرسين وموظفي المدارس، فضلًا عن كثرة تدخلات الجهات العسكرية بالعملية التعليمية.
ثلاث أيادٍ تتحكم بالعملية
ورغم أن “الحكومة السورية المؤقتة” قطعت شوطًا بتنظيم المديريات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، مواجهة تحديات في شح التمويل ودفع رواتب الموظفين بموعدها، لا يزال قسم كبير من المدارس في إدلب تابعًا للنظام، وكادره بمعظمه يتلقى الرواتب من حكومة النظام، فيما تتبع هذه المدارس لقوانين وأحكام “مديرية تربية إدلب الحرة”، التابعة للحكومة المؤقتة.
أما حكومة “الإنقاذ السورية”، التي تشكلت في تشرين الثاني 2017، فلم تكتسب الشرعية لقيادة دفة التعليم حتى الآن، بل اكتفت بمبادرة ومؤتمرين حضرهما المقربون من أصحاب المبادرة، لكنها فرضت نفسها وسمّت وزراءها وبدأت بتسلم زمام المنطقة إداريًا وخدميًا بحكم السيطرة العسكرية، دون تحقيق مآربها في قطاع التعليم.
وتُتهم “حكومة الإنقاذ” بأنها مدعومة من “هيئة تحرير الشام”، وأنها تحاول سحب ملفات إدارة المنطقة من “الحكومة المؤقتة”، إذ شهدت أروقة “جامعة حلب الحرة” تنازع بين الحكومتين حين حاولت “الإنقاذ” سحبها من يد “المؤقتة”، عبر تعيين الدكتور إبراهيم الحمود رئيسًا للجامعة بدلًا من ياسين خليفة الذي ما زال على رأس عمله.
فيما شهدت الأيام الماضية منذ نهاية كانون الأول الماضي، احتجاجات واعتصامات من قبل الطلاب، رافضين استلام “الإنقاذ” للجامعة.
ورغم هذا التشتت تعمل جميع المؤسسات التعليمية على تدريس المنهاج السوري المعدّل، بحذف مادة القومية ورموز النظام السوري وأفكاره، مع إبقاء المواد والمعلومات العلمية، فيما يختلف مصدر الشهادة بموجب تبعية إدارة المدرسة.
ماذا عن الرواتب؟
يشتكي معلمون تابعون لمديرية تربية إدلب الحرة من نقص الدعم المقدم لهم لقاء عملهم، إذ يمنّون أنفسهم بعظمة وإنسانية ونبل ما يقدمونه لجيل مهدد بالضياع في حال لم تتوفر له ظروف تعليمية مناسبة.
منذ ثلاث سنوات، تعمل إيمان سرحان مدرّسة “متطوعة” في مدرسة إحسم التابعة لـ “مديرية تربية إدلب الحرة”، تترك أولادها وتذهب لمزاولة مهنتها تحت القصف، مدفوعة بأملٍ ووعود مفادها “انتظروا الدعم قريبًا”.
إيمان قالت لعنب بلدي إنها تتلقى وعودًا في كل عام بأنها ستحصل على الدعم بشكل منتظم، إلا أنها إما تأخذ راتبًا عن شهر واحد فقط، وإما لا تأخذه في معظم الأحيان.
وزير التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة، عماد برق، أوضح لعنب بلدي أن دعم المعلمين في إدلب يعتمد على منظمات المجتمع المدني، مشيرًا إلى أن مديرية “تربية إدلب الحرة” ليس لديها ميزانية ولا واردات لمنح الدعم لهم.
برق أضاف أن المنظمة الداعمة لرواتب المعلمين في إدلب هي منظمة “ديفيد”، التي جددت المديرية العقد معها ومدته ثلاث سنوات، لافتًا إلى أنه ليس من ضمن خططها منح المعلمين المتطوعين رواتب منتظمة كونها “ليست ملزمة بهم”، وإنما تعطي رواتبها بانتظام للمعلمين المثبتين في مديرية “تربية إدلب الحرة” بموجب مسابقة تجريها المديرية كل عام.
وبحسب أرقام مديرية التربية يبلغ عدد المعلمين المثبتين في إدلب سبعة آلاف مدرس يتلقون رواتبهم منها بانتظام، فيما لا يتجاوز عدد المتطوعين ثلاثة آلاف متطوع يعرفون باسم “وكلاء”، تسعى المديرية إلى دعمهم كلما توفرت إمكانية، بحسب وزير التربية والتعليم.
وعن المتطوعين، قال عماد برق إنهم هم من يطلبون التدريس في مدارس إدلب دون مقابل مادي، مشيرًا إلى أن أغلبهم “غير مؤهلين” للتثبيت في المديرية كونهم لا يملكون شهادات جامعية أو أي مؤهلات علمية للتدريس، ومع ذلك يتم دعمهم بمبلغ 50 دولارًا كلما أمكن ذلك كنوع من “المكافأة”.
وفيما يتعلق بـ”حكومة الإنقاذ” قال برق إنه ليس لها أي علاقة بالعملية التعليمية في إدلب وليست مؤهلة لمنح رواتب المعلمين كونها لا تلقى قبولًا شعبيًا، على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن “الحكومة المؤقتة” غير معنية بأي قرار تتخذه “الإنقاذ”.
إلا أن وزير التربية والتعليم العالي في “حكومة الإنقاذ”، جمال شحود، قال لعنب بلدي إن حكومته تسعى لمنح المعلمين المثبتين رسميًا في إدلب رواتب بانتظام، معتمدةً على موارد داخلية متمثلة برسوم يتم تخصيصها من معبر باب الهوى للمعلمين تحديدًا.
وبحسب شحود خصص المعبر هذا العام مبلغًا قدره 30 ألف دولار أمريكي للمعلمين المثبتين، على أن يأخذ كل معلم مبلغًا قدره 50 دولارًا شهريًا، إلا أنه حتى الآن لا توجد آلية توضح من هم المعلمون الذين يشملهم هذا الدعم، خاصة أن “حكومة الإنقاذ” لم تلقَ حاضنة شعبية.
وعلى صعيد آخر، لا يزال بعض المدرسين في إدلب يتلقون رواتبهم من مديرية تربية النظام السوري، إلا أنهم غالبًا ما ينسقون عملهم مع مديرية “تربية إدلب الحرة” ويخضعون لقوانينها عبر تدريس المنهاج السوري المعدل.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :