تتمركز ثلاث دول، هي بريطانيا وفرنسا وأمريكا، في شمال شرقي سوريا في إطار التحالف الدولي الذي يقوم بسلسلة عمليات بهدف القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” في المنطقة.
ويقول التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، إن تقديراته تشير إلى أن الآلاف من مقاتلي التنظيم ما زالوا منتشرين في سوريا والعراق، بعد انهيار ما يسمى بـ “الخلافة”، التي كان التنظيم أعلنها في العراق وسوريا، بعد خسارته لمدينتي الرقة والموصل ومناطق أخرى.
ويدعم التحالف الدولي القوات الكردية شرق الفرات، مقابل دعم روسي لقوات الأسد غرب النهر.
دعم مسؤولين بريطانيين للقوات الكردية في سوريا
تدعم بريطانيا شأنها شأن أمريكا “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في إطار التحالف شمالي سوريا، بعد إعلان وزارة الدفاع البريطاني عام 2015، مشاركة طياريها بغارات ضد التنظيم رغم رفض مجلس العموم البريطاني.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين بريطانيين زيارة وفد من حزب العمال في مجلس اللوردات البريطاني، اليوم الأربعاء 4 من نيسان، إلى مدينة القامشلي، وتعهده بالتضامن والوقوف مع “وحدات حماية الشعب” (الكردية) في وجه ما يتهددها من هجمات تركية في شمالي سوريا.
وتقع مدينة القامشلي في منطقة تخضع معظمها لسيطرة القوات الكردية السورية التي شكلت مع حلفائها مناطق حكم ذاتي في الشمال ووضعت نظامًا اتحاديًا حكوميًا.
وتنامت قوة “الوحدات” بعد السيطرة على أراضٍ واسعة من تنظيم “الدولة” بمساعدة قوات التحالف، بقيادة أمريكا.
وبدأت زيارة الوفد البريطاني، أمس الثلاثاء، وأكد عضو حزب العمال، موريس جلاسمان، أنهم سيتفقدون أجزاء من شمالي سوريا ويلتقون مع مقاتلين من “الوحدات” بالإضافة إلى المجالس المحلية.
وقال عبد الكريم عمر، وهو عضو بارز في الإدارة الذاتية الكردية، إن الوفد يمثل أول وفد رفيع المستوى من نوعه، وزيارته تعد الأولى بهذه الطريقة الرسمية، فقد سبقتها اجتماعات لم يتم الإعلان عنها.
وأضاف عمر أن أعضاء الوفد البريطاني سيبحثون الوضع في عفرين ومشكلة عشرات الآلاف من السكان النازحين هناك.
وسيطرت القوات التركية بمساندة فصائل “الجيش الحر” على منطقة عفرين السورية، مطلع الأسبوع الماضي، وطردت “الوحدات” منها، والتي تعتبرها تهديدًا على امتداد حدودها، وهددت تركيا بعدها بالتوغل أكثر ناحية الشرق.
وتعتبر أنقرة “الوحدات” امتدادًا لـ “حزب العمال الكردستاني” المحظور الذي يشن تمردًا منذ عشرات السنين على الأراضي التركية.
ويقول زعماء كرد إنهم يسعون للحكم الذاتي في إطار سوريا لا مركزية وليس الانفصال.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، قبل يومين، مقتل جنديين من التحالف أحدهما الرقيب البريطاني، مات تونرو، من الجيش البريطاني، والأخر جندي أمريكي.
وكان الجنديان في مهمة سرية تتمثل بـ “قتل أو إلقاء القبض” على قيادي في تنظيم “الدولة”، إلا أنهما قتلا في انفجار عبوة ناسفة خلال المهمة.
زيادة الوجود العسكري الفرنسي
أعلنت فرنسا، قبل أيام، احتمال زيادة وجودها العسكري في سوريا في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
جاء ذلك بعد زيارة وفد من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لفرنسا، قال فيها إن فرنسا تعهدت بالتوسط بينهم وبين تركيا، وإرسال مزيد من القوات وتقديم مساعدات إنسانية.
قوبل ذلك برد غاضب من تركيا التي رفضت الوساطة مع “الوحدات” التي تعتبرها امتدادًا لـ “حزب العمال الكردستاني” المحظور في البلاد.
تلاه نفي من الجانب الفرنسي لأي عملية عسكرية جديدة في الشمال السوري خارج إطار التحالف.
وقدمت فرنسا السلاح والتدريب للفصيل المسلح الذي تقوده “الوحدات” في القتال ضد تنظيم “الدولة”، ولديها عشرات من الأفراد من القوات الخاصة في المنطقة.
تركيا تقول إن أكثر من 100 عنصر من القوات الفرنسية الخاصة يوجدون في خمس نقاط شمالي سوريا، وهو ما يثير غضبها وتعتبره “احتلالًا” وغير مشروع بموجب القانون الدولي.
انسحاب القوات الأمريكية من سوريا؟
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قبل أيام، نيته سحب القوات الأمريكية من سوريا، مخالفًا بذلك جنرالاته وأقرب مستشاريه الذين يخشون أن يسمح انسحاب متسرع بانتصار دبلوماسي وعسكري لروسيا وإيران.
تلاه تصريح للرئيس الأمريكي اليوم، الأربعاء 4 من نيسان، اشترط فيه على السعودية المهتمة جدًا ببقاء قواته، على حد قوله، تكفلها بدفع الأموال اللازمة للبقاء.
وعبر الرئيس الأمريكي، منذ أسابيع، في جلسات خاصة عن فكرة التزام طويل الأمد أو حتى متوسط الأمد للولايات المتحدة شرقي سوريا، حيث نشرت حوالي ألفي جندي في إطار مكافحة تنظيم “الدولة”.
وفي الوقت الذي يردد فيه ترامب مغادرة سوريا، يؤكد مسؤولون عن الملف في الإدارة الأمريكية من جديد، الاستراتيجية الأمريكية “لإحلال الاستقرار” في الأراضي التي طرد منها التنظيم، حتى التفاوض برعاية أممية حول تسوية تفاوضية للحرب في سوريا.
وتقضي خطة الولايات المتحدة التي أعلنتها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في كانون الثاني، وأقرها رسميًا وزير الخارجية السابق، ريكس تيلرسون، بالإبقاء على وجود عسكري في سوريا “طالما يحتاج الأمر ذلك”، لمنع عودة التنظيم مجددًا وعدم ترك سوريا ساحة تتحرك فيها بحرية روسيا وإيران حليفتا النظام السوري.
وكان ترامب انتقد خلال حملته الانتخابية الرئيس السابق، باراك أوباما، بسبب الانسحاب المبكر للقوات الأمريكية من العراق الذي سمح للتنظيم بتوسيع رقعة نفوذه.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن ترامب جمد أكثر من مئتي مليون دولار مخصصة لإعادة إعمار سوريا، في نبأ لم يتم تأكيده رسميًا لكن لم يتم نفيه أيضًا.
ويتزامن ذلك مع تخطيط الجيش الأمريكي لإرسال عشرات من الجنود إلى شمالي سوريا، بحسب ما نقلته شبكة “CNN”،أمس الثلاثاء، عن مصادر من وزارة الدفاع ومن الإدارة الأمريكية.
–