المعاهد الخاصة تنتشر في الرقة والدروس المنزلية تحتل الصدارة العملية التعليمية مستمرة رغم التضييق من قبل تنظيم الدولة

  • 2014/11/02
  • 9:18 م

سيرين عبد النور – الرقة

“لم أعد أستطيع اللعب في الشارع بسبب الدروس المنزلية، وأشعر أني مسجون في منزلي” بهذه الكلمات يصف محمد ابن التاسعة حال الكثير من أطفال الرقة.

يحاول محمد أن يتدارك ما فاته من تعليم في الأعوام الماضية من خلال الدروس المنزلية، لكنه يبدي كثيرًا من التذمر لجلوسه ساعات طويلة في البيت.

وإذ تعاني الرقة من تدهور المراحل التعليمية، وابتعاد أغلب القائمين على المدارس، وسط غياب للرواتب وتضييق من قبل مقاتلي التنظيم، يحاول بعض المدرسين إيجاد حلول تساعدهم في تدبر معيشتهم وتحل جزءًا من المشكلة التعليمية، وذلك عبر دروس منزلية ومعاهد خاصة، باتت تشكل مصدر دخل لكثير منهم سواء من المختصين أو غير المختصين.

ورغم أن التنظيم يدقق على مثل هذه الدروس ويطالب من يقوم بها بالحصول على ترخيص، إلا أنها مستمرة، وذلك لصعوبة الرقابة عليها، كما يوضح حسن وهو طالب في السنة الأخيرة من كلية التربية لعنب بلدي، “نحاول الحصول على قوت يومنا بعيدًا عن داعش، إضافة للحفاظ على ذهنية الطلاب وصلتهم بواقعهم وعصرهم”.

  • تحكم بالأسعار

وتتطلب هذه الحصص الخاصة مبالغ طائلة، خصوصًا مع تفاوت طلبات الأساتذة في ظل غياب ضابط حقيقي يحكم الأسعار؛ ويقول أبو محمد، وهو مدير إحدى المدارس العامة لعنب بلدي، “الأهل مضطرون لدفع ثمن هذه الحصص الخاصة في ظل غياب البديل، وإضاعة الأطفال لكثير من الوقت والمعلومات التي اكتسبوها، ما يهدد مستقبلهم”.

وقد انتشرت المعاهد الخاصة بشكل واسع في أحياء الرقة المتوسطة والراقية، خصوصًا الثكنة والتوسعية، وحتى في أحياء تعتبر فقيرة نسبيًا كالمشلب والدرعية.  لكن لرامز، مدرس في أحد المعاهد، رأي آخر إذ يؤكد لعنب بلدي أن “هذه المعاهد تشبع حاجة الطلاب التعليمية والاجتماعية وتساعدهم على إكمال تعليمهم بأقل المصاريف”.

  • مواد لا توافق “الدولة”

وتُلزم المعاهد نظريًا بمجموعة من الشروط التي فرضتها “الدولة”، وأبرزها “الفصل بين الجنسين، وحذف المواد التي يرى فيها التنظيم أنها مخالفة لأفكاره، وأبرزها التاريخ والقومية والديانة والفلسفة…”، وفق ما ينقله رامز. إضافة إلى إجبار الإناث من الطالبات والمدرسات على ارتداء “الزي الشرعي”، وهو أقرب إلى الشادور الأفغاني.

في حين أضيفت عدد من المواد إلى مناهج التعليم ومنها الفقه والعقيدة التي يبني عليها التنظيم تفسيراته وقراراته المتشددة، وهو منهج يرى العديد من الفقهاء وعلماء الدين والباحثين الاجتماعيين، أنه سينتج جيلًا من المتطرفين.

لكن المعاهد الخاصة في أغلب الأحيان تلجأ إلى تدريس مناهج نظام الأسد، بعيدًا عن عيون الرقباء وتركز فيه على المواد الأساسية ومنها الكيمياء والفلسفة والتاريخ.

يقول رامز “معظم التلاميذ من طلبة المرحلة الثانوية الذين يجعلون من الدروس في المعاهد وسيلة لتقويتهم وتحضيرهم لامتحان نهائي، يجرونه في المناطق التي لاتزال تخضع لسيطرة النظام.. وغالبًا في حماة أو دير الزور”.

  • قيود “الدولة”

ويحتاج افتتاح المعاهد الخاصة في المناطق التي تسيطر عليها الدولة، إلى موافقة من “ديوان التعليم” التابع للتنظيم، وإشراف منه على المعهد والأساتذة وعلى المواد التي تدرس.

ويعترض كثير من المعلمين على الرقابة التي يقوم بها أشخاص غير مختصين حولوا عملهم إلى قيود تكبل العملية التعليمية، كما ينقل فاتح، مدير أحد المعاهد الخاصة لعنب بلدي “لم نعد نستطيع ممارسة طرق ووسائل التعليم الحديثة، فالرقابة تحاصرنا من جميع الجهات وتخنق ما بقي هنا من عملية تعليمية وتربوية”.

ويشخص فاتح عيوب المؤسسة التعليمية في “الدولة”، والمتمثلة في القائمين على “ديوان التعليم”، إذ يقول إنهم “عديمو الكفاءة وقليلو الخبرة، كما أنهم بعيدون عن خلفيات الميدان التعليمي”.

وأشار فاتح أن الديوان أقرب إلى الحسبة، والقائمون عليه يريدون تحويل المدارس إلى كتاتيب تنشر أفكار التنظيم “هم يشرفون على عملية لا يعرفون عنها وربما لا يرغبون بها، ولذا فهم يلجؤون إلى التضييق علينا”.

ورغم عملهم في جو من الخوف حيث أغلقت بعض المعاهد وسجن المدرسون القائمون عليها بحجج مختلفة، تستمر محاولات من بقي من أهالي الرقة وأساتذتها، في مقاومة مدّ الجهل المتنامي الذي بات يهدد بكارثة مستقبلية تنهي دور المدرسة، وتؤسس جيلًا، أكثر من 75 بالمئة منه، لا يستطيعون إكمال تعليمهم.

مقالات متعلقة

تعليم

المزيد من تعليم