حنين النقري
لا ريب أن السلبية إحدى أكبر معوقات التطور عند الشعوب، ولعلها أكثر الموضوعات طرحًا من قبل مدربي التنمية البشرية، لكن تواجدها بيننا أعمق من مجرد اللفظ، واستئصالها لا يكون بمجرد النقد الظاهري للتسمية، بل عبر التغلغل في أعماق تواجدها بيننا.
أحد أشكال السلبية المتجذرة يمكن أن نسميها “متلازمة حظي وبعرفو”، وهنا لا بد من الإشارة لمعنى الحظ في المنطقة العربية بشكل عام، فليس الحظ مجرد مصادفة جميلة تقع لك على وجه غير منتظر، إنما هو درب حياة لا إرادي وطريق إجباري يمشي فيه الانسان -حسب اعتقادنا- مدى العمر.
وكأن القدر يلاعب أحدنا “القرعة” عند ولادته، ليعطيه مفاتيح سعادة أبدية ويصيح ” BINGO” مدى الحياة (تقال BINGO حين يفوز شخص بلعبة حظ)، بينما لا ينال الآخر سوى الخيبة والأبواب المغلقة، ﻷنه لم يفلح بلعبة القرعة مع الحظ لدى ولادته.
المؤسسة الدينية -وأنظمة الحكم الواقفة خلفها- لعبت الدور الأهم في ترسيخ هذا المعنى عبر الترويج له دينيًا في الخطب والمنابر استنادًا ﻷحاديث وآيات أخرجت من سياقها أو أفرغت من محتواها، أو عبر تصحيح أحاديث معينة وتضعيف أخرى، كل بما يخدم مصلحة المستبد ويحقق مَوات الشعوب.
وخطورة متلازمة “حظي وبعرفو” ليست في انتشارها فقط، بل في مدى تحكمها بحياتنا، فما الذي يدفعك لتجريب طرق جديدة لإدارة حياتك ما دمت تؤمن أن النتيجة واحدة؟
أقفال سعادتك رُميت مفاتيحها في بحر الحظ، والظروف السيئة التي تحيط بك هي حكم جائر من قدر لا يتغير، وليس عليك سوى الصبر علّ هذا العابس منذ الأزل يبتسم لك، أو لعلّ الموت يدركك لتكون الجنة عوضًا لصبرك.
بذات الطريقة سيكون نجاح صديقك في اختبارات الحياة المتتالية -وفشلك المقابل- نتيجة لسلطان الحظ الذي لا يقهر، وأعمال جارك المثمرة وحياته السعيدة المستقرة وعلاقاته الناجحة، ليست سوى ترجمة لصك الحظ إذ يوضع بيد أحدهم.
وهنا ستكون مشاعر الحسد والحقد وتمني زوال النعم، الوسيلة الطبيعية للرد على هذا الإجحاف القدري بحقك.
“حظي وبعرفو” بهذا ستتلفظ إحداهن في تبريرها لاستمرارها بزواج لا أمل منه ولا رجاء، فالسوء من حظها لا من زوجها ولا منها؛ وهي هنا ضحية لمفهوم غيبي لا يمكن التعامل معه إلا بالدعاء والرجاء، لا مسؤولة عن حياتها ولا مختارة لتفاصيلها، كما أنها متأكدة أن أي تغيير منها في حياتها سيكافأ باستمرار حظها بمعاداتها، ﻷن زواجها من غيره مثلًا لن يعني تبدل حظها، حسب الموروث الشعبي.
بناءً على هذا ليس من المستغرب أبدًا أن يقابل أي حراك ثوري عربي بالتشكيك بجدواه، فالحاكم هو حظّ هذه الشعوب “المعتّرة”، وتغيير الحاكم لن يقابل بتغيير الحظ الجماعي، ومادام القدر اختار لنا “الأسد” ﻷبد الآبدين، فمن ذا يغير حكم القدر، ولو كان جورًا.
التفكير بهذا الأسلوب يتجاهل آلاف النظريات والأبحاث والكتب التي تقول إننا وحدنا المسؤولون عن “رسم” لوحة حياتنا، وأن ما نخطط له هو وحده ما يتحقق، وأن الأهداف إذ تكتب بدقة مصيرها، تعاش على أرض الواقع دون شك.
قانون الجذب، التأكيد، التوقع والاعتقاد، ممارسة التأمل والتصور الإيجابي، يمكن ﻷي منا البحث والقراءة حول هذه القوانين لندرك مدى مسؤوليتنا عن حياتنا، من خلال أثرها المثبت على حيوات عشرات الآلاف من الأشخاص، فهل غيّر حظهم طريقه ووجهته، أم أنه ابتسم لهم إذ ابتسموا هم ﻷنفسهم؟
حنين النقري
لا ريب أن السلبية إحدى أكبر معوقات التطور عند الشعوب، ولعلها أكثر الموضوعات طرحًا من قبل مدربي التنمية البشرية، لكن تواجدها بيننا أعمق من مجرد اللفظ، واستئصالها لا يكون بمجرد النقد الظاهري للتسمية، بل عبر التغلغل في أعماق تواجدها بيننا.
أحد أشكال السلبية المتجذرة يمكن أن نسميها “متلازمة حظي وبعرفو”، وهنا لا بد من الإشارة لمعنى الحظ في المنطقة العربية بشكل عام، فليس الحظ مجرد مصادفة جميلة تقع لك على وجه غير منتظر، إنما هو درب حياة لا إرادي وطريق إجباري يمشي فيه الانسان -حسب اعتقادنا- مدى العمر.
وكأن القدر يلاعب أحدنا “القرعة” عند ولادته، ليعطيه مفاتيح سعادة أبدية ويصيح ” BINGO” مدى الحياة (تقال BINGO حين يفوز شخص بلعبة حظ)، بينما لا ينال الآخر سوى الخيبة والأبواب المغلقة، ﻷنه لم يفلح بلعبة القرعة مع الحظ لدى ولادته.
المؤسسة الدينية -وأنظمة الحكم الواقفة خلفها- لعبت الدور الأهم في ترسيخ هذا المعنى عبر الترويج له دينيًا في الخطب والمنابر استنادًا ﻷحاديث وآيات أخرجت من سياقها أو أفرغت من محتواها، أو عبر تصحيح أحاديث معينة وتضعيف أخرى، كل بما يخدم مصلحة المستبد ويحقق مَوات الشعوب.
وخطورة متلازمة “حظي وبعرفو” ليست في انتشارها فقط، بل في مدى تحكمها بحياتنا، فما الذي يدفعك لتجريب طرق جديدة لإدارة حياتك ما دمت تؤمن أن النتيجة واحدة؟
أقفال سعادتك رُميت مفاتيحها في بحر الحظ، والظروف السيئة التي تحيط بك هي حكم جائر من قدر لا يتغير، وليس عليك سوى الصبر علّ هذا العابس منذ الأزل يبتسم لك، أو لعلّ الموت يدركك لتكون الجنة عوضًا لصبرك.
بذات الطريقة سيكون نجاح صديقك في اختبارات الحياة المتتالية -وفشلك المقابل- نتيجة لسلطان الحظ الذي لا يقهر، وأعمال جارك المثمرة وحياته السعيدة المستقرة وعلاقاته الناجحة، ليست سوى ترجمة لصك الحظ إذ يوضع بيد أحدهم.
وهنا ستكون مشاعر الحسد والحقد وتمني زوال النعم، الوسيلة الطبيعية للرد على هذا الإجحاف القدري بحقك.
“حظي وبعرفو” بهذا ستتلفظ إحداهن في تبريرها لاستمرارها بزواج لا أمل منه ولا رجاء، فالسوء من حظها لا من زوجها ولا منها؛ وهي هنا ضحية لمفهوم غيبي لا يمكن التعامل معه إلا بالدعاء والرجاء، لا مسؤولة عن حياتها ولا مختارة لتفاصيلها، كما أنها متأكدة أن أي تغيير منها في حياتها سيكافأ باستمرار حظها بمعاداتها، ﻷن زواجها من غيره مثلًا لن يعني تبدل حظها، حسب الموروث الشعبي.
بناءً على هذا ليس من المستغرب أبدًا أن يقابل أي حراك ثوري عربي بالتشكيك بجدواه، فالحاكم هو حظّ هذه الشعوب “المعتّرة”، وتغيير الحاكم لن يقابل بتغيير الحظ الجماعي، ومادام القدر اختار لنا “الأسد” ﻷبد الآبدين، فمن ذا يغير حكم القدر، ولو كان جورًا.
التفكير بهذا الأسلوب يتجاهل آلاف النظريات والأبحاث والكتب التي تقول إننا وحدنا المسؤولون عن “رسم” لوحة حياتنا، وأن ما نخطط له هو وحده ما يتحقق، وأن الأهداف إذ تكتب بدقة مصيرها، تعاش على أرض الواقع دون شك.
قانون الجذب، التأكيد، التوقع والاعتقاد، ممارسة التأمل والتصور الإيجابي، يمكن ﻷي منا البحث والقراءة حول هذه القوانين لندرك مدى مسؤوليتنا عن حياتنا، من خلال أثرها المثبت على حيوات عشرات الآلاف من الأشخاص، فهل غيّر حظهم طريقه ووجهته، أم أنه ابتسم لهم إذ ابتسموا هم ﻷنفسهم؟