بقلم زوجته مجد شربجي
عندما سمع بأن زوجته أوقفت على حاجز الأربعين بتاريخ 31 كانون الأول 2012، هرع عبد الرحمن كمون، البالغ من العمر 37 عامًا، لإنقاذها رغم علمه بأنه يتجه إلى حتفه.
اعتقل عبد الرحمن في نفس اليوم مع زوجته وعلى ذات الحاجز، وقد احتجزا عدة ساعات في الفرقة الرابعة (القريبة من داريا)، وبعدها حولا معًا إلى فرع المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري.
“أخبرني ضابط في الفرقة الرابعة أنهم اعتقلوا زوجي، لكنني لم أصدق واعتقدت أنهم يلعبون بأعصابي، وعندما نزلت من السيارة في المخابرات الجوية، سمعت صوت زوجي، كانوا يسألونه عن اسمه واسم عائلته وإخوته؛ أصبت بصدمة كبيرة ولم أكن أعلم أنها المرة الأخيرة التي أسمع بها صوته.
طيلة فترة اعتقالي اعتقدت بأن الشبيحة اعتقلوا زوجي من مكان عمله بعد اعتقالي، لكني علمت أن عبد الرحمن راح بقدميه إلى الحاجز، ظنًا منه بأنه سيتمكن من إنقاذي.
في الأسبوع الأول من التحقيق هددوني بزوجي، لكنني طيلة فترة الاعتقال والتحقيق كنت أخبرهم أنني المسؤولة عن كل شيء وأن عبد الرحمن لا علاقة له بنشاطي؛ على الرغم من ذلك حوّلت إلى سجن عدرا لوحدي، محاولة الاستفسار إن كان زوجي حوّل أيضَا أم لا.
أطلق سراحي في 17 تموز 2013، لأعود بعد 4 أيام إلى مطار المزة العسكري وأسأل عن مصير عبد الرحمن، مطالبةً بإطلاق سراحه، فقالوا لي “كيف تأتين إلى هنا.. ما تربيتي لسا؟”.
أجبرت على الرحيل من سوريا بسبب وضعي الأمني، واستقريت في لبنان ساعيةً إلى إخراج زوجي من المعتقل بأي طريقة، ولكن دون جدوى.
منذ أكثر من 8 أشهر، تصلني أخبارًا عن وفاة عبد الرحمن تحت التعذيب؛ أنكر الأخبار دائمًا وأنفيها، حتى أرسلت إليّ جميع أغراضه، نقوده، موبايلاته، مفاتيحه وجميع أوراقه بتاريخ 23 تشرين الأول 2014.
استجمعت قواي وأخبرت أولادي وأهلي وأهل عبد الرحمن، الذين لم يستطيعوا تصديق الخبر “عبد الرحمن تركنا إلى حيث الراحة والأمان”.
أصيب أصدقاؤه بالجمود، فعبد الرحمن، الرجل الملتزم المؤمن الصادق والخلوق والصابر الذي يحبه الجميع، كان يجاهد ويناضل في هذه الحياة حتى استطاع أن يدرس ويتعلم ويبني أسرة ستبقى حاملة لذكراه ولاسمه.
لم أر زوجًا بمثل تضحيته ومحبته لزوجته ولأولاده وعائلته، كان عبد الرحمن بالنسبة لي الوطن والأب والأم والأهل، لكنه رحل الآن، أكرمه ربه بشهادة مشرفة وأراحه من عذاب الأسر والظلام”