أسماء رشدي
من الطبيعي أن يتشاجر الأخوة، وقد تثير مشاجراتهم أعصاب الوالدين حين يعجزان عن منعها، بالإضافة إلى الحرج والضيق والقلق والتوتر الذي قد تسببه هذه المشاجرات لهما.
إلا أن على الوالدين أن يعلموا أن هذه الظاهرة تشكل جزءًا مهمًا في نمو شخصية أطفالهم وتطورها، طالما أنه لا ينتج عنها أذىً جسدي أو معنوي.
قد تكون هذه المشاجرات فرصة مفيدة في مساعدة الوالدين تعليم أبنائهم على مهارات عديدة، منها مهارات إدارة الخلاف وحل المشكلات والتفاوض وكيفية التعبير عن ذواتهم ومشاعرهم، بالإضافة إلى تعلم قبول مبدأ الخسارة والربح وأخذ حقوق الغير وآرائهم بعين الاعتبار.
يجب البحث في الأسباب التي قد تعزز التنافس بين الأخوة وتدفع بهم إلى الشجار، فالمقارنة بين الأخوة وإظهار نواحي عجز وضعف الطفل أمام إخوته والآخرين هي من أبرز الأسباب الدافعة على الشجار. كما أن شعور الطفل بالنقص ومروره بمواقف محبطة نتيجة سوء معاملة الوالدين وتفضيل أحدهم طفلًا على آخر قد يولد البغضاء بين الأشقاء.
أيضًا، فعدم تعليم الطفل مشاركة الأشياء بينه وبين إخوته سبب آخر للمشاكل، كما أن الطفل ببعض الحالات قد يلجأ إلى العراك مع إخوته بسبب حاجاته للاهتمام، خاصة إذا كان الوالدان من النوع الذي لا ينتبه للطفل إلا عندما يرتكب الخطأ.
فيما يلي بعض الممارسات قد تساعد في تخفيف حدة الشجار بين الأخوة:
المساواة في المعاملة بين جميع الأطفال، ومراعاة كل طفل بالطريقة المناسبة لشخصه وسنه؛ مثلًا عدم إبداء اهتمام كبير بالطفل الصغير بصورة لافتة للنظر، خاصة أمام أخيه الذي يكبُره مباشرة كي لا يفسر ذلك بأنه نوع من التمييز بينهما
الابتعاد عن التدخل مباشرة في حال الشجار بين الأخوة، ولكن مع المراقبة عن بعد، كي لا يؤذي بعضهم البعض، وذلك حتى يتعلموا الاعتماد على أنفسهم.
تذكر أنك إذا كنت دائم التدخل للسيطرة على المواقف فهذا يعني أن العلاقة بينهم مضبوطة بسلطتك أنت، وأنهم سيهجمون على بعضهم عندما تدير ظهرك، أو أن تدوم روح العداء بينهم، وستكون العلاقة بينهم ضعيفة، إذ يفضلون الانفصال عن بعضهم في أول فرصة.
الابتعاد عن المقارنة بين الطفلين، فتقول لأحدهم مثلًا: “إن أخاك كان أفضل منك عندما كان في سنك”، فإن ذلك يجعل الولد يشعر بالذنب من نفسه والغيظ من أخيه، وإن تكرار هذه المقارنة يجعل الولد يكره التشبه والاقتداء بأخيه رغم صفاته الحسنة.
شجع الأبناء على إيجاد حل يرضي كل الأطراف في حال حدوث مشكلة ما، ودعهم يضعون القواعد بأنفسهم وعاقب من يخالفها.
ابتعد عن المشاجرة مع شريك الحياة أمام الأبناء، وكن القدوة الحسنة أمامهم في كيفية التعامل مع المشكلات.
لا تنحز إلى صف أحد الأبناء باستمرار، وخاصة عند عدم حضورك الشجار بينهم، ولا تقل مثلًا: “أنا أعرف أن أحمد طفل هادئ لكن أنت يا محمد دائمًا طفل مشاكس وتفتعل المشاكل”، لأن ذلك سوف يسبب الاستياء والإحباط لمحمد بهذه الحالة، خاصة في حال كان محمد بريئًا.
قد لا نتمكن من تفادي هذه النزاعات بين الأشقاء لأنها جزء طبيعي من الحياة، إلا أن المسؤولية تقع علينا كآباء في مساعدة أبنائنا على إدارة المشاعر المصاحبة لها والناتجة عنها، من غضب وغيرة وشعور بالظلم… وذلك حتى لا تترك آثارًا عميقة على العلاقات فيما بينهم مستقبلًا.