رأيت رام الله.. مريد البرغوثي
حاز كتاب “رأيت رام الله” على جائزة نجيب محفوظ للإبداع الأدبي (1997)، وهو يروي قصة ثلاثين عامًا من الغربة انتهت بعبور بطل الرواية جسر العودة، الذي سكن في ذاكرة مريد البرغوثي بصرير خشبه وبضيق مساحته وقصر طوله. هو ذاك الجسر القصير الذي مشت عبره الذاكرة إلى ذاك الأفق الرحب المشبع برائحة الأهل والمترع بالصور القديمة الساكنة في الوجدان.
فاز مريد البرغوثي بجائزة عبوره ذلك الجسر الخشبي الصغير، وكأنه بتجاوزه تمكن من المثول أمام أيامه، وجعل أيامه تمثل أمامه، يلمس تفاصيل منها بلا سبب مهملاً منها تفاصيل أخرى بلا سبب، مثرثرًا لنفسه عمرًا كاملاً، في يوم عودته ومن حوله يحسبون أنه في صمت عبر الجسر المحرم عليه بعد ثلاثين عامًا، وفجأة انحنى ليلملم شتاته، كما يلمّ جهتي معطفه إلى بعضها في يوم من الصقيع والتلهف أو كما يلملم تلميذ أوراقه التي بعثرها هواء الحقل وهو عائد من بعيد.
وعلى مخدعه في تلك الليلة، ليلة العودة، لملم النهارات والليالي ذات الضحك، ذات الغضب، ذات الدموع، ذات العبث، وذات الشواهد الرخامية التي لا يكفيه عمر واحد لزيارتها جميعاً، من أجل تقديم الصمت والاحترام.
في هذه الرواية، يحكي مريد البرغوثي رحلة عذاب فلسطين من خلال أسلوب قصصي شاعري رائع، جسد صدقه الإنساني المعذب والجميل في سيرة تحكي قصة الفلسطيني الذي قدم إلى بلدته بعد الاحتلال، وجمال فلسطين بصفة عامة الذي تستشعره في كل شيء تقرأه عنها، والتشتت الذي حدث للعائلة التي انتشرت في كل مكان على الأرض، المأساة التي تكررت في سوريا بتفاصيل تكاد تكون واحدة، إلا أن اللاعبين والأدوار والمسميات تختلف.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :