تعتمد العديد من المناهج التعليمية والتربوية الحديثة في الدول المتقدمة، على فكرة التوازن بين التسلية والتعليم، أو التعليم عن طريق اللعب، على أقل تقدير بالنسبة للمراحل الأولى من الدراسة لدى الأطفال.
ونشأت هذه الفكرة بناءً على تعاليم الفيلسوف التشيكي، جون عاموس كومنيوس، الذي وُلد في مثل هذا اليوم قبل 426 عامًا، في 25 من آذار 1592.
انتقد كومنيوس أساليب التعليم في عصره، ونادى بضرورة تسلية الطفل إلى جانب تعليمه، لتحقيق نتائج أفضل من العملية برمتها.
يُعتبر كومنيوس اليوم أبو التعليم الحديث، بالرغم من أن جهوده لم تلق انتباهًا إلا بعد قرنين من طرحه لأفكاره، التي اعتمدت على الواقعية الحسية في التدريس، أي طرح المعلومة كفكرة والبرهنة عليها بشيء من الواقع يمكن للطلاب لمسه أو رؤيته، أو حتى تجربته بأنفسهم.
وشرح الفيلسوف طريقته هذه في كتاب “فن التعليم العظيم”، داعيًا إلى تقسيم التعليم ابتداءً من الأسهل إلى الأصعب على عدة مراحل.
وابتكر كومنيوس طرقًا علمية لتعلم لغات جديدة، وطالب بتدريس الطلاب بلغتهم الأم إلى جانب اللغة اللاتينية، التي كانت شائعة في تلك الأزمنة كلغة للعلم والأدب والثقافة.
ودعا المدرسين إلى استبدال التعليم عن طريق الضرب والتعنيف الجسدي الخشن، باللين والتحفيز لجذب الطلاب.
ويُعتبر كتاب “باب اللغات المفتوح” أحد أهم كتبه التي كانت سبّاقة في عصره، ويتألف الكتاب من مجموعة مقالات في مواضيع مختلفة، وكل صفحة منه مقسومة إلى نصفين، الأولى تضم المقالة باللغة اللاتينية، والثانية ترجمة لها بلغة متداولة، ما أدى إلى تسهيل تعلم اللغات بين الناس.
الأفكار التي نادى بها كومنيوس قد تبدو لنا اليوم بديهية، لكن في عصره كانت تُعتبر ثورة في مجال التعليم، بل إن التعليم في العصر الحديث يكاد يكون قائمًا على مبادئه بشكل كامل.
–