لا تهملوا الطفح الجلدي
كيف يعالج الشرى عند الأطفال
د. أكرم خولاني
يعتبر الطفح الجلدي أو الشرى إحدى أكثر المشاكل المشاهدة في عيادات الأطفال، وهو يمكن أن يصيب جميع الناس وبجميع الأعمار.
وقد أظهرت الدراسات أن سدس سكان العالم يصابون به في مرحلة ما من حياتهم، إلا أنه أكثر شيوعًا عند الأطفال، فأكثر من 10% من الأطفال يصابون بالشرى، ومعظم الذين يصابون به لا يحدث لهم مرة واحدة فقط.
ما هو الشرى
هو طفح جلدي يظهر على شكل بقع بارزة وردية اللون شاحبة في الوسط يتراوح قطرها بين عدة ميليمترات وعدة سنتميترات، وأشكالها مختلفة تمامًا، ويحدث بها تغيرات سريعة ومتكررة في مكانها وحجمها وشكلها، فيمكن أن تختفي من منطقة على بشرة الطفل لتعود إلى الظهور في أي مكان آخر.
ويحدث الشرى نتيجة التعرض لمادة مؤرجة (محسسة) تؤدي لرد فعل التهابي في الجلد عن طريق إفراز مادة الهيستامين وبعض الوسائط الالتهابية الأخرى، ما يسبب توسع الأوعية الدموية في الجلد وزيادة نفاذيتها.
ويؤدي اتساع الأوعية الدموية إلى زيادة كميات الدم المتدفقة، ما يسبب احمرار الجلد وتهيجه والشعور بالحكة، كما تؤدي زيادة نفاذية الأوعية الدموية إلى تسرب السوائل والبروتين للخارج وتظهر التورمات على سطح الجلد.
ويصنف التفاعل الالتهابي إلى نوعين:
- تفاعل التهابي مناعي: فيه تفرز مادة الهيستامين والوسائط الالتهابية من الخلايا البدينة نتيجة ارتباط المادة المؤرجة بمستقبلات الغلوبولينات المناعية (Ig E) على جدارها الخلوي.
- تفاعل التهابي غير مناعي: وفيه تؤدي بعض المواد والأدوية لإفراز مادة الهيستامين في غياب الغلوبولينات المناعية (Ig E).
ما أعراض الشرى؟
طفح جلدي ذو لون وردي، على شكل آفات محددة بشكل جيد، مرتفعة عن سطح الجلد (انتبارات)، بأحجام وأشكال متعددة، تكون موضعة في منطقة ما من الجسم أو معممة، مع حكة شديدة في مناطق الإصابة، تشتد في الليل، وفي بعض الحالات قد تغيب الحكة تمامًا.
يبدأ الطفح فجأة، وتتلاشى الآفة الشروية عادة خلال 24 ساعة، لكن قد تستمر آفات جديدة بالظهور بشكل مفرد أو على هيئة تجمعات، ويمكن أن تتشكل حطاطات أو بثور فيما بعد.
وقد يترافق الشكل الحاد من المرض بارتفاع درجة حرارة الجسم إلى 38- 39 درجة مئوية، إضافة إلى الشعور بالضيق، والصداع.
وفي بعض الحالات تصاب الطبقات الأعمق من الجلد والأنسجة تحت المخاطية مسببة التورم، وهي ما تسمى بالوذمة الوعائية العصبية (وذمة كوينكة)، وأكثر ما تحدث في الشفاه أو اليدين أو الأحبال الصوتية أو في الأمعاء، ما قد يسبب المغص المعوي أو الإسهال أو الإمساك.
وفي الحالات المتقدمة جدًا قد يصاب الجهاز التنفسي، ما يؤدي لسعال انتيابي وصعوبة في التنفس، وقد يحدث انسداد بقناة التنفس، وهي حالة خطرة بحاجة للعناية الطبية العاجلة.
ما أنواع الشرى وما مسبباتها؟
شرية حادة:
وتظهر خلال دقائق من التعرض للمادة المؤرجة، ويمكن أن تستمر لأسابيع، وعادة تكون نتيجة لدغ الحشرات كالنمل والنحل والفسفس، أو تعرض الجسم لمواد غذائية مؤرجة (كالبيض، السمك، المكسرات، الفول السوداني، البهارات، التوابل، الشوكولا، الفريز، الدراق، الباذنجان، البندورة، المنكهات الصناعية والمواد الحافظة)، أو نتيجة ملامسة الجلد لبعض الصبغات والمواد الكيميائية أو بعض النباتات، أو نتيجة العدوى ببعض الفيروسات كالإنفلونزا أو الحصبة الألمانية أو غيرها.
شرية مزمنة:
وتسمى كذلك عند استمرار ظهور الطفح لأكثر من ستة أسابيع متواصلة، وقد تستمر لأكثر من سنة، وفي حالات نادرة قد تستمر لسنوات، ومن الصعب غالبًا تحديد سبب الشرى المزمن عند الأطفال، وأهم أسبابها العوامل البيئية (الماء، والهواء البارد، الشمس، الاهتزاز، ملامسة الحيوانات الأليفة)، أمراض المناعة الذاتية، الإصابة بالديدان المعوية، أمراض الغدد الصماء، أمراض الحساسية (التهاب الجلد التأتبي، وحمى القش)، العدوى المزمنة الفطرية أو الجرثومية (جرثومة الملوية البوابية مثلًا).
شرية محرضة بالدواء:
وتسمى كذلك لاقتران حدوثها بتعاطي الدواء الذي يعمل كمؤرج، ومن الأدوية التي قد تسبب الشرى السلفونيل يوريا، الأسبرين، البنسلين، بعض المضادات الحيوية كالسلفوناميد، أدوية الصرع، الكلوتريمازول، وغيرها.
شرية فيزيائية:
ويندرج تحتها ما يلي: شرية مائية (رد فعل من الماء، نادر الحدوث)، شرية حرارية (رد فعل نتيجة التعرض لحرارة)، شرية البرد (رد فعل لدى التعرض للثلج أو الماء البارد)، شرية الضغط (تحدث في الأماكن التي تتعرض لضغط متواصل لفترات طويلة كأماكن شد الملابس الداخلية والثياب الضيقة ومكان الحزام)، شرية ارتسام جلدي (من أكثر الأنواع شيوعًا وتحدث نتيجة حك الجلد)، شرية شمسية (نتيجة التعرض لأشعة الشمس)، شرية الأدرينالين (تحدث في حالات فرط إنتاج الأدرينالين وهي شديدة الندرة).
كيف يتم التشخيص؟
تشمل الدراسة التشخيصية الجوانب التالية:
- سوابق المريض: وجود قصة تحسس سابقة لدى المريض، أو وجود قصة عائلية للحساسية، الأطعمة التي يتناولها، الأدوية التي يستخدمها، نشاط المريض وعمله.
- الفحص السريري: تقييم طبيعة الآفات ووجود اضطرابات مرافقة.
- الفحوص المخبرية: تعداد دم عام، تحليل بول، فحص براز، وظائف الكبد، وظائف الكلية، الفيبرينوجين، الملوية البوابية، الغلوبولين المناعي E، اختبارات الغدد الصماء والاضطرابات المناعية الذاتية.
- اختبارات إضافية: صورة شعاعية بسيطة للصدر، إيكو للبطن والحوض، التنظير الهضمي.
إذا فشلت كل الإجراءات التشخيصية السابقة في الكشف عن سبب الشرى يعتبر الشرى مجهول السبب.
ما طرق العلاج؟
كقاعدة عامة، في الشكل الحاد من الشرى قد يختفي من تلقاء نفسه في غضون بضع ساعات أو يومين بحد أقصى، دون أي مساعدة، ولكن يمكن إجراء حمام بارد للتخلص من مسببات الحساسية على الجلد إن وجدت، كما أن الحمامات والكمادات الباردة تساعد على تخفيف التهيج والشعور بالتحسن.
وأهم عامل في الحد من المرض والإسراع في الشفاء منه، سواء كان حادًا أم مزمنًا هو تحديد العامل المسبب له والتخلص منه.
ويفضل استخدام مضادات الهيستامين، وهي أدوية لا تزيل الشرى تمامًا، ولكن تعمل على الحد من توسعه، كما تخفف الحكة، ويعد عقار دايفينهايدرامين من أكثر الأدوية فعالية في علاج الشرى، وكذلك هايدروكسيزين (أتاراكس) له نفس الفعالية، ويجب الاستمرار باستخدام الدواء لمدة 24 ساعة بعد اختفاء الشرى تمامًا.
ويمكن تطبيق مراهم أو كريمات مضادة للحساسية موضعيًا (مثل فنستيل)، وهذه يمكن استخدامها للأطفال بسن مبكرة.
ويجب تجنب مثيرات الشرى كالعوامل الغذائية والفيزيائية، وإلباس الطفل ثيابًا قطنية لتخفيف الاحتكاك مع الجلد.
ويمكن استخدام الستيروئيدات في حالات الشرية الشديدة (هيدروكورتيزون أو بريدنيزلون) إما حقنًا عضليًا أو فمويًا.
وفي حالة الشرى الحاد والشديد جدًا يمكن إعطاء الأدرينالين تحت الجلد، ما يؤمن راحة سريعة (أدرينالين 1:1000 بمقدار 0.01 مل/كغ وبحد أقصى 0.3 مل).
وننبه إلى ضرورة طلب سيارة الإسعاف في حال حدوث ضيق نفس وتعرق وزرقة وتسرع في القلب لأن هذه الحالة مهددة للحياة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :