نجا عمران البقاعي من قذيفة الهاون التي استهدفت بناءً يسكن فيه أقاربه في ريف دمشق، وكان حينها طالبًا في المرحلة الابتدائية، قبل أن يفرّ مع عائلته باتجاه الأردن، ثم اسطنبول، حيث غنى قصيدة “أمر باسمك” الشهيرة لمحمود درويش بتوزيع موسيقي جديد، وهو لم يتجاوز 17 من عمره بعد.
عاش عمران في الأردن قرابة العامين، حصل خلالها على فرصة الدراسة في الصفوف التحضيرية للـ “كونسرفاتوار” الوطني هناك (المعهد العالي للموسيقى)، قبل أن تتبناه شركة إنتاج وتسجل له أغنيتين، لكن لظروف خاصة قرر وعائلته مغادرة الأردن باتجاه اسطنبول.
وفي تركيا سجل عمران أغنية “أمر باسمك” مع شركة “One Stage” للإنتاج الفني، التي قدمت له تدريبات موسيقية، بحسب حديث مدير الشركة، إيهاب مرسي، لعنب بلدي.
وحققت الأغنية التي سجلها عمران أكثر من 14 ألف مشاهدة على موقع “يوتيوب” منذ نشرها في بدايات العام الحالي.
ووفق ما رصدت عنب بلدي فإن أداء عمران لاقى ردود فعل مستحسنة ومشجعة لتجربته.
تلقى البقاعي منذ طفولته دروسًا موسيقية للعزف على آلة الغيتار، بالإضافة لتمرينات صوت، قبل أن يخرج من بين شظايا القذيفة دون أن يتمكن من تشكيل صورة للحدث الذي صدمه، وواجهه بالموسيقى والغناء حين توفرت له فرصة للنجاة.
مواهب فريدة وحياة قاسية
شكلت حركة اللجوء الكبيرة التي أجبر السوريون عليها من أجل النجاة بأرواحهم صدمةً كبيرة في العالم، ليس فقط من حيث حجم المأساة، وإنما لأنها أوصلت لبر الأمان الكثير من الأطفال الذين وجدوا مساحةً للإبداع في البلاد الآمنة.
وجذب الأطفال انتباه وسائل الإعلام التي غالبًا تتناول سوريا كقضية حربية وكارثية، وبدأ العالم يتعرف على المجتمع الذي غُيّب عن وسائل الإعلام لعشرات السنوات.
وحاز الطفل محمد جنيد، اللاجئ في لبنان، على صدى واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر مقطع فيديو له وهو يغني مقاطع من التراث السوري، أثناء عمله المتعب في ورشة دهان، قبل أن يتبناه الملحن والموزع صبحي محمد، لإنتاج أغنية بصوته.
كما نال الطفل تامبي أسعد، الجنسية التركية عام 2014، وكان عمره حينها 16 سنة فقط، بسبب موهبته الكبيرة في العزف على البيانو، ووصفه معلموه بالعبقري النادر، لافتين إلى أنه اجتاز في سنة واحدة مراحل يتطلب اجتيازها من 10 إلى 15 سنة.
وبعيدًا عن الموسيقى استطاع أحمد الظاهر، ابن السبع سنوات، لفت أنظار الإعلام الألماني إليه، لمهارته الفريدة بكرة القدم، وتوقع بعض المراقبين مستقبلًا باهرًا له في عالم الرياضة.
وعلى خطا عمران ومحمد وتامبي وأحمد، وعشرات غيرهم من أولئك الذين تعرفنا عليهم عبر برامج المواهب، ينتظر أطفالٌ سوريون فرصتهم لاختبار مواهبهم، وتقديم ما لديهم من مهارات للعالم.