يتوقع من الأحداث والتطورات العسكرية التي تجري في سوريا عام 2018، أن ترسم خريطة سيطرة قد تثبت ريثما يتم التوصل إلى تسوية سياسية.
وتتمثل الأحداث بثلاث معارك بدأ العمل فيها في الأيام الأولى من العام الحالي، وتقودها قوى محلية على الأرض بدعم إقليمي، بدءًا من الشمال بالتحرك التركي ووصولًا إلى العاصمة دمشق بأياد روسية- إيرانية.
وتعرض عنب بلدي تفاصيل المعارك الثلاث، والتي من شأنها رسم خريطة سيطرة جديدة في سوريا.
“الجيش الحر” في عفرين
تدور المعارك في عفرين التي دخلت يومها الـ 52 تحت مسمى “غصن الزيتون”، بقيادة من فصائل “الجيش الحر” وبدعم عسكري تركي.
وشهدت الخارطة العسكرية فيها خلال الأيام الماضية متغيرات كبيرة، صبّت بمعظمها في صالح الفصائل العسكرية، والتي غدت على مشارف المركز وتستعد للسيطرة عليه، وبالتالي كسر شوكة “وحدات حماية الشعب” (الكردية) في معقلها الأبرز غربي سوريا.
واتبع “الجيش الحر” خطة عسكرية مكنته من السيطرة على خمس نواح تعتبر الخط الدفاعي لمقاتلي “الوحدات” وهي: راجو، شران، شيخ الحديد، بلبل، جنديرس.
اليوم تقف الفصائل على مشارف مركز عفرين بمسافة أقل من كيلومتر واحد وقطعت طريق إمدادها جنوبها، وتسير في محورين أساسيين هما شران من الناحية الشرقية وجنديرس من الجهة الغربية.
ولم تعترف “الوحدات” حتى اليوم بالانسحاب من مواقعها التي أعلنت الفصائل السيطرة عليها، وتكررت البيانات الصادرة عنها حول القصف التركي الجوي والمدفعي الذي يطال الأحياء السكنية في مناطق مختلفة.
وفي مؤشر على رسم المعركة لخريطة الشمال السوري، انتشرت قوات الأسد في عدة نقاط جنوب عفرين، بينها تل رفعت ودير جمال ومنغ، بتوجيهات روسية.
هجوم يقسم الغوطة إلى جيوب
على الجانب الآخر تدور معارك في الغوطة الشرقية بقيادة من قوات الأسد والميليشيات المساندة لها، وبدعم روسي- إيراني.
وتمكنت من تقسيم مناطق سيطرة المعارضة إلى ثلاثة جيوب هي: دوما، حرستا، القطاع الأوسط.
تخضع مدينة دوما لسيطرة فصيل “جيش الإسلام”، ومدينة حرستا لسيطرة “حركة أحرار الشام الإسلامية”، بينما يسيطر فصيل “فيلق الرحمن” على عدة بلدات تحت مسمى القطاع الأوسط.
المعارك دخلت يومها الـ 23 وشهدت المعطيات الميدانية فيها تسارعًا كبيرًا لصالح قوات الأسد، التي تشارك بأكثر من فرقة وجهة عسكرية أبرزها “قوات النمر”، “الحرس الجمهوري”، “الفرقة الرابعة” إلى جانب ميليشيات رديفة أخرى.
تتركز عمليات قوات الأسد على أكثر من محور بينها المحور الأساسي من قطاع المرج، ومحور المشافي من المزارع الفاصلة بين مدينتي دوما وحرستا، فضلًا عن محور على مزارع الأفتريس الخاضعة لسيطرة فصيل “فيلق الرحمن”.
وتمكنت من فصل دوما بعد السيطرة على مدينة مسرابا وبلدة مديرة، لتصل بذلك إلى إدارة المركبات في مدينة حرستا.
أما حرستا فكان للتقدم الذي أحرزته في مزارعها دور كبير في عملية العزل، وصولًا إلى إدارة المركبات أيضًا التي اعتبرت نقطة التقاء المحاور.
معارك داخلية في إدلب
على خلاف المعارك بين تشكيلات متضادة في الغوطة وعفرين، يدور اقتتال داخلي في إدلب بين فصائل معارضة، ولا يمكن فصلها عن تحرك الدول في الخارج.
المعارك تتركز بين “هيئة تحرير الشام” من جهة و “جبهة تحرير سوريا” التي أعلن عن تشكيلها من اندماج “حركة أحرار الشام الإسلامية” و”حركة نور الدين الزنكي” من جهة أخرى.
بدأت المواجهات بين الطرفين، 20 من شباط الماضي، وأعلنت “تحرير سوريا” قبل أيام، قبولها هدنة لمدة 48 ساعة سعيًا للوصول إلى حل يوقف المواجهات العسكرية، لكن المعارك استؤنفت أمس.
تتركز المواجهات في مناطق ريف حلب الغربي، بالإضافة إلى ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، وبحسب الواقع الميداني تميل الكفة لصالح “تحرير سوريا” التي استعادت عدة مناطق خسرتها في اقتتال إدلب العام الماضي.
وجاءت المواجهات عقب تحويل دعم فصائل “الجيش الحر” في الشمال إلى الجانب التركي، ومن بينها “أحرار الشام”.
وبحسب ما قالت مصادر عسكرية لعنب بلدي تعمل تركيا على هيكلية عسكرية جديدة لفصائل إدلب، لرسمها على غرار مناطق “درع الفرات” شمالي حلب.
إلى جانب هذه المعارك ثبتت القوات التركية ست نقاط مراقبة في جيب إدلب، بموجب اتفاقية “تخفيف التوتر” في أستانة، من شأنها وقف محاولات قوات الأسد تحقيق اختراق في المنطقة.
–