عنب بلدي – خاص
تدور مواجهات تتوسع مساحتها تدريجيًا في محافظة إدلب، بين “هيئة تحرير الشام” من جهة، وفصيلي “حركة أحرار الشام” و”حركة نور الدين الزنكي”، اللذين شكلا “جبهة تحرير سوريا” حديثًا.
ويتهم ناشطون الجانبين بأن ما يجري اقتتال وفق مصالح الفصائل التي تسعى كل منها إلى توسيع نفوذها والتمدد على حساب “تحرير الشام”، التي قويت شوكتها بعد الموجهات مع “أحرار الشام” نهاية العام الماضي، وهو ما ظهر في تصريحات للشرعي السابق في “أحرار الشام”، “أبو محمد الصادق”، الذي لفت بعد اجتماع مع “تحرير الشام” إلى التسابق لتأمين طريق ريف حلب الشمالي- إدلب، الذي قد يُفتح نتيجة معارك منطقة عفرين المدعومة تركيًا.
توترت العلاقة بين الأطراف على خلفية مقتل “أبو أيمن المصري”، الشرعي في “تحرير الشام”، بعد اتهام “الزنكي” بالمسؤولية عن الحادثة، إلا أن الأخيرة نفت استهدافه بشكل شخصي. |
حتى السبت 24 شباط، توسعت “تحرير سوريا” في أكثر من 16 قرية وبلدة، وتقدمت على أوتوستراد إدلب- باب الهوى، بعد سيطرتها على قرى معرة مصرين ورام حمدان وحزانو وأرمناز وكللي، على طول الأوتوستراد الواصل إلى الحدود التركية.
وجاءت المواجهات التي تعيشها إدلب وريف حلب الغربي، بعد ثمانية أشهر من أخرى مماثلة سيطرت خلالها “تحرير الشام” على أغلبية محافظة إدلب، وأجبرت “أحرار الشام” على الانسحاب إلى ريف حماة الغربي، وتمكنت حينها من السيطرة على “باب الهوى”، الرئة الاقتصادية لمحافظة إدلب.
المواجهات تنتقل إلى المخيمات
وانتقلت الاشتباكات إلى مخيمات إدلب، بعد سلسلة من المواجهات بدأت، الثلاثاء 20 شباط، ما خلف ضحايا وجرحى مدنيين في أطمة بريف إدلب الشمالي.
وقالت مصادر عسكرية لعنب بلدي إن الاشتباكات جاءت عقب قتل مجموعة من “تحرير الشام” لعناصر من “الزنكي”، خلال إخلائهم عناصر من الفصائل المشاركة في عملية “غصن الزيتون”.
واتهمت “تحرير سوريا” عناصر “الهيئة” باستهداف فرق الإخلاء الطبي لها أثناء نقل جرحى المعارك في عفرين إلى معبر أطمة، الأمر الذي أوقع جرحى بينهم.
إلا أن “تحرير الشام” تنصلت من الاستهداف، وذكرت وكالة “إباء” التابعة لـ “الهيئة”، أن عشرة مدنيين أصيبوا بالأعيرة النارية في أطمة، جراء محاولة “فاشلة” لمجموعات من “تحرير سوريا” التقدم من مناطق “درع الفرات” باتجاه نقاط “تحرير الشام” في البلدة.
صوفان يهاجم الجولاني
وفق بيان تشكيل “تحرير سوريا”، فإن الاندماج جاء “للتأكيد على ثوابت الثورة السورية، واستجابة للشعب السوري”، بينما اعتبرت “تحرير الشام” أنه شكّل لمواجهتها. |
وهاجم القائد العام لـ “جبهة تحرير سوريا”، حسن صوفان، “تحرير الشام”، في تسجيل صوتي نشر، السبت، ودعا فصيل “فيلق الشام” للمشاركة في المواجهات العسكرية الدائرة في محافظة إدلب ضد “الهيئة”.
ووجه صوفان خطابًا للفصائل، قائلًا “يا أشراف الفصائل وفرسان الفيلق أتتركون إخوانكم يقاتلون المجرم وحدهم ويروع نساءهم، وقد عرفناكم أهل دين وحراس ثورة”، مطالبًا الفعاليات الثورية والمدنية العاملة في إدلب الخروج في مظاهرات “ضد المشاريع الدخيلة التي حرفت الثورة، ولعرقلة بغي تحرير الشام”.
كما خاطب صوفان أبو محمد الجولاني، القائد العام لـ “الهيئة”، وقال “لم ندخر أي جهد لتحييد هذا الصدام إلا وفعلناه، مع علمنا أنه قادم بسبب عقلية حب السلطة الذي لمسناه منه”.
واعتبر أن “تحرير سوريا”، “لا تريد الانتصار بل آثرت مصلحة الساحة، وما دفعنا للقتال مصلحة الساحة وخوفنا من ضياع المحرر، والاقتتال هو دفاع عن الثورة وما تبقى من مكتسباتها وعلى الشعب أن يشارك في الدفاع عن ثورته”.
الشرعي السابق في “أحرار الشام”، “أبو محمد الصادق”، قال عبر حسابه “تلغرام”، الجمعة 23 شباط، إنه التقى عناصر من “الهيئة” خلال المواجهات، مشيرًا إلى أن الأخيرة “تتخوف من تحرير المنطقة بين مناطق الزنكي ودرع الفرات، ما يؤدي إلى زيادة نفوذ الحركة، بعد وصل المنطقة بالريف الشمالي لحلب”.
جملة من التعليقات جاءت من فصائل وهيئات في المنطقة حول المواجهات، إذ هدد “الحزب الإسلامي التركستاني” بالدخول على خط المواجهات إلى جانب “تحرير الشام”.
وقال الفصيل في بيان إنه لن يقف مكتوف الأيدي، أمام أي توسيع للهجوم على “الهيئة”، مؤكدًا “لن نسمح بضياع المكاسب التي حققها الجهاد المبارك على أرض الشام بعد كل هذه التضحيات”.
بينما دعته “تحرير سوريا” إلى “الإنصاف وألا ينجرف إلى بغي أهل الشام، لأن ذلك يعود بالإساءة لقضية شعبهم العادلة ولسمعة شباب الحزب الطيبة خلال الفترة الماضية”.
ويصعب التكهن في مستقبل خريطة السيطرة في المنطقة، في ظل مساعي الأطراف للتوسع، إذ أجبرت “تحرير الشام” منذ تشكيلها، مطلع 2017، العديد من الفصائل على الرضوخ لهيمنتها العسكرية في محافظة إدلب، بينما تحاول “الزنكي” التي انشقت عنها، و”أحرار الشام” التي تقلص نفوذها، الهيمنة من جديد على الساحة.