أربعة محلات بتصريف داخلي وخارجي
“التعفيش” في دير الزور “مهنة” مستقلة بتجارها ومواردها
أورفة – برهان عثمان
رغم الانتقادات الواسعة التي تحدثت عن سرقات المنازل الخالية في دير الزور، تحت مسمى “التعفيش”، إلا أن الأعمال مازالت تتطور وتتوسع لتصل إلى مصاف الأعمال الخاصة، دون رقابة أو محاسبة.
“عمل قائم بذاته له شروطه وحاجاته وسماسرته وزبائنه”، يقول أبو حسام (43 عامًا) لعنب بلدي، مشيرًا إلى أن “المهنة” أصبحت رائجة كسوق متكامل تتنوع معروضاته وتخضع أسعاره لقوانين العرض والطلب، تديره محال وجهات تعمل مع ميليشيا “الدفاع الوطني” في حيي الجورة والقصور.
واقع يصعب إنكاره
ويضيف الرجل الذي تعرض منزله للسرقة، أن “التعفيش أثناء الحرب ظاهرة عاشتها جميع المناطق”، مشيرًا إلى أنه “يرتبط بالتصرف البشري عند غياب الرقابة والمحاسبة، فغياب القانون الناظم لتصرفات الأفراد، لا بد أن يفرز مثل هذه الأفعال”.
ويرى أبو حسام أن التصرف “مدان لكنه موجود وله دوافعه”، موضحًا أن “من يمارسون هذه الأفعال ليسوا من نوع واحد، فمنهم من ساعدته القوة وامتلاكه للسلاح كطرف منتصر، له الحق في الحصول على (غنائمه)، بينما توجه آخرون للعمل به في ظل الحاجة والفقر”.
كلام يرى فيه أبو أحمد (61 عامًا) واقعًا يصعب إنكاره، مشيرًا إلى أن “هذه الظاهرة لها نطاق جغرافي معين، سواء في تصريف البضائع ضمن الأحياء المكتظة كالجورة والقصور، أو في الحصول على مواردها وسلعها وهي المناطق الخالية من السكان التي سيطرت عليها قوات الأسد حديثًا”.
ويعتبر الرجل الستيني أن الأمر “مسألة وقت تنتهي مع تزايد عودة الناس وشغلهم الأحياء الخالية”، موضحًا أن “من يشترك في عمليات التعفيش هم اللصوص وجزء من ميليشيات النظام الذين يسهلون تنقلهم بين الأحياء، وأخيرًا بعض التجار الذين يتولون تسويق البضائع”.
ويؤكد أبو أحمد أن الأمر يعتمد على “شبكة متكاملة كل جزء فيها يساعد الأجزاء الأخرى”، لافتًا إلى أن تسويق البضائع “داخلي في دير الزور للأدوات المنزلية التي يمكن أن يعاد بيعها للأهالي، وخارجي إذ تنقل المسروقات غالية الثمن إلى مدن ومحافظات أخرى وخاصة الحسكة”.
أربعة محلات تبيع “المسروقات”
تعمل محلات أربعة داخل دير الزور في بيع “المسروقات”، وفق أبو أحمد، الذي يقول إن “الجميع ينتقد أولئك الحثالة من الناس، حتى بعض الأشخاص والجهات المحسوبة على النظام”، مبررًا أن “بعض الأهالي يشترون منهم بسب رخص الأسعار والحاجة إليها”.
ويقدم التجاء أعذارًا مختلفة لعملهم ببيعها، إلا أنهم لا ينكرون سعيهم للربح والاستفادة من حالة الفوضى وغياب جزء كبير من الأهالي عنها، كما يقول علي رمزي، المقرب من بعض أولئك التجار، مضيفًا لعنب بلدي أن “الظاهرة ليست جديدة على المجتمع وغير مرتبطة بطرف معين”.
“من يحاسبهم؟ لديهم المال والقوة والسلطة وكلمتهم مسموعة”، يشير علي، معتبرًا أن “الأغراض مهملة ومنسية تركها أصحابها خلفهم، فلماذا نتركها للخراب دون أن يستفيد الناس منها”، ويصف بيعها بأنه “إعادة تدوير منعًا للتلف، ومورد مادي لبعض الناس الذين يوفرون بضائع رخيصة لمن يحتاجها”.
رغم انخفاض أسعار الأغراض، إلا أن بعض الأهالي اعترضوا على عملية بيعها في إطار “السرقة الموصوفة”.
يقول أبو غازي (52 عامًا) لعنب بلدي، إنه عاد من الحسكة ليجد منزله خاليًا، “صدمني مشهد الجدران المحطمة لإخراج التمديدات النحاسية وأكبال الكهرباء”، مؤكدًا أن منزله “كان سليمًا إلى حد ما وتعرض جزئيًا للقصف لكنه لم يتضرر”.
“سرقوا حياتي وكل ما بنيته فيها”، يتحدث الرجل عن حاله، مستغربًا “كيف تجري عمليات البيع في النهار وأمام الجميع، كما تدخل يوميًا الشاحنات الفارغة لتخرج محملة بالأغراض دون اعتراض أو محاسبة؟”.
وسيطر النظام على سبعة أحياء في دير الزور، كانت تخضع لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” متمثلة بالحميدية والشيخ ياسين والعمال والحويقة والعرضي وكنامات وعلي بيك والعمال ومساكن الحزب، نهاية العام الماضي.
وماتزال تلك الأحياء مغلقة في وجه المدنيين، كما أن من يرغب بزيارتها يحتاج تصريحًا رسميًا من المحافظة في دير الزور، وفق أهالي المدينة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :