جريدة عنب بلدي – العدد 21 – الأحد – 24-6-2012
سوق الخميس أو سوق الجمعة أو الأربعاء أو أي يوم آخر، هي أسواق شعبية تنتشر في المناطق والأحياء السكنية الفقيرة وتباع فيها السلع الشعبية ذات الأسعار الرخيصة والجودة المتواضعة، وتهدف هذه الأسواق إلى تأمين بعض متطلبات وحاجيات أصحاب الدخل المحدود وأيضًا تشكل فرصة عمل إضافي لكسب مصدر دخل إضافي للباعة.
ولكن اليوم بتنا نسمع ونشاهد انتشار أسواق من نوع أخر، أسواق تروي بضائعها معاناة مناطق وأحياء وبيوت دمرت بالكامل وشرد أهلها، أسواق تخبرنا بقصة شهيد أومعتقل أومشرد أو لاجئ، فكل سلعة تباع في أسواق الغصب تحمل بصمات أشخاص ورائحة أسر وبراءة طفولة مغتصبة. إنها أسواق الدم تجارها تجار دم، وزبائنها عشاق دم، وموردوها شبيحة الأسد وبضائعها أحلام وآمال مسروقة.
فقد نشر موقع العربية مقالًا بعنوان «شبيحة سوريا يبيعون ما سرقوه خلال المداهمات». لم لا وهذا ليس بالجديد عليهم، فمن لم يسمع بممارسات وتصرفات ضباط وعساكر الجيش السوري أثناء تواجده في لبنان، من سرقة مزارع الليمون والسطو على المنازل والمحال التجارية وبيعها في سوريا إلى تشليح أموال الناس على الحواجز. وذاكرة الثمانينات ليست ببعيدة عنّا حينما قامت سرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد باستباحة مدينة حماه وتدميرها وسرقة ممتلكات الناس حتى لو اضطرهم الأمر إلى قطع أيدي النساء لنزع حليهم..!! التاريخ يعيد نفسه اليوم فقد علق أحد المشتركين في عمليات السرقة بأن «هذه ليست سرقة..إنه حقنا.. هؤلاء يدعمون الإرهاب، وعلينا القضاء عليهم»!!. فالنظام فتح باب الكسب غير المشروع على مصراعيه وأطلق يد الشبيحة والموالين له وأعطاهم صكوك ملكية ومشروعية واعتبر كل ما يقع تحت أيديهم من ممتلكات الناس غنيمة لهم وكل ذلك لضمان استمرار ولائهم وتخفيف العبء المادي عن النظام الذي بات يعاني من الفاتورة المرتفعة لشبيحة الأسد، حتى إن عملية السطو أصبحت منظمة وتمارسها مافيا إحترافية حيث أكد أحد سكان حمص أن الشبيحة تحولت إلى مليشيات منظمة توظف شباب وشابات تكون مهمتهم تصنيف محتويات المنازل وفرزها لتسهيل عمليات نقلها وبيعها..!
أسواق المسروقات منتشرة اليوم على أنقاض المدينة المدمرة في حمص وفي وسط العاصمة دمشق وفي الساحل السوري. فقد شهد ما يسمى سوق الحرامية في وسط شارع الثورة بدمشق إنتشارًا غير مسبوق لبضائع تفترش الطرقات وتباع بثمن بخس.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل من مشتر لأثاث منزل أو أي قطعة مهما صغر حجمها وقد دفن أصحابها تحت التراب؟ و ما هي مشروعية شراء هذه المسروقات ؟
إذا كان من الصعب علينا إيقاف عمليات السرقة والنهب من الشبيحة المدججين بالسلاح والمدعومين بالعتاد الحربي الكامل، فإننا نملك إمكانية قلب الطاولة وجعل هذه المسروقات عبئًا ثقيلًا عليهم وجعلها تنتقل من سوق إلى آخر دون أن تجد من يشتريها وننظر بعين الاحتقار إلى مروجي وبائعي حياة الناس وبيوتهم، وأن نسعى إلى تشكيل الحامل الشعبي الذي يقلب الطاولة عليهم كما فعلت «لما» وهي الطالبة في كلية الطب حينما تشاجرت مع شقيقها لقيامه بشراء لابتوب وكاميرا من سوق الحرامية بدمشق، وأصرت على إعادتها، معتبرًة أن شراء تلك المسروقات مشاركة في جرائم النظام..! وذكر أحد الناشطين المعارضين للنظام من طرطوس كيف رفض تجار الألمنيوم في المنطقة الصناعية بطرطوس شراء الشاحنات المحملة بالمسروقات رغم أثمانها البخسة.