جدران الموت في الغوطة.. 300 ألف مدني يعيشون تحت الأرض
تنشر والدة زيد صورًا لابنها على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” وهو يرسم أحلامه من داخل ملجئه الذي يختبئ فيه، تلك الأحلام البسيطة اختصرتها رسوماته لبناء يسكن فيه الأهل، وتنار فيه النوافذ، ولا قصف يعكر صفو المعيشة.
باتت المقومات الرئيسية للحياة أحلامًا للقابعين في الملاجئ والهاربين من القصف في الغوطة الشرقية، هناك حيث قتل ما يزيد عن 300 شخص، ولا يرى من بقي على قيد الحياة الشمس، منذ الأحد الماضي، إذ اختاروا الأقبية ملاذًا قد يقيهم الحمم التي تلقيها الطائرات والراجمات على أحيائهم.
القصة بدأت منذ هروب مئات العائلات من المناطق القريبة على جبهات القتال إلى مدن وبلدات اعتقدوها أكثر أمانًا، ولكن الحملة التي تشنها قوات الأسد وحلفاؤها لم تستهدف خطوط النار بقدر استهدافها للمناطق السكنية والمأهولة في سقبا وحمورية وكفربطنا وبيت سوى ودوما وعربين وغيرها، حتى ذهب كثير من الأهالي للقول إن المعيشة على الجبهات أقل خطرًا.
الحملة المستمرة لليوم الخامس على التوالي أجبرت أهالي المنطقة على الاحتماء من القصف تحت الأرض في ظروف معيشية فاقت التصور سوءًا، بحسب ما روته منى أم محمد، إحدى سكان مدينة سقبا لعنب بلدي، اليوم 22 شباط.
كثرت حالات الإغماء وضيق التنفس وبدأت المؤن بالنفاد من مطابخ الأهالي مع ازدياد ازدحام الأقبية ومرور الأيام على ساكنيها.
وتنقل أم محمد أن أصحاب الأمراض المزمنة يعانون بسبب بدء نفاد أدويتهم، وصعوبة مراجعة المراكز الصحية التي دمرت الطائرات الحربية معظمها.
وتوضح منظمة “أطباء بلا حدود” أن 13 مستشفى دمرها القصف، محذرةً من نفاد الأدوية بالمنطقة بعد منع قوات الأسد دخول الإمدادت الغذائية والطبية.
خمسة أشخاص على الأقل قتلوا اليوم في بلدة حمورية، وسط المنطقة المحاصرة، بغارة جوية أصابت ملجأ يسكنونه.
ولم يكن الاستهداف الأول الذي طال الملاجئ، إذ قتل 55 شخصًا على الأقل من بينهم 40 طفلًا وامرأة في بلدة بيت سوى يوم الأحد الماضي.
وفي سقبا وكفربطنا بلغت الحصيلة الإجمالية للضحايا بغارات الطيران التي استهدفت ملاجئهم 46 شخصًا.
وأفاد مراسل عنب بلدي بالغوطة الشرقية أن فرق الدفاع المدني في مدينة سقبا تمكنت من إخراج بقية العالقين تحت الأنقاض أحياء، وعددهم 30 شخصًا بينهم نساء وأطفال.
يشن هذه الحملة الطيران الروسي والسوري ومرابض المدفعية المحيطة بالغوطة المحاصرة منذ أربع سنوات.
فيما نفت روسيا على لسان المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، ضلوعها بمجازر ضد المدنيين في المنطقة، معتبرًا الاتهامات الأمريكية والأممية لا أساس لها من الصحة.
وفي ذات الوقت ذهبت المعارضة السورية إلى موقع “تويتر” للدعوة إلى إيجاد حل لمشكلة الغوطة، إذ قال نصر الحريري، رئيس الهيئة العليا للتفاوض، إن الحل يكمن في تنفيذ القرارات الدولية والتي تنص على الوقف الفوري للقصف والجلوس على طاولة المفاوضات وتحقيق الانتقال السياسي الكامل.
في حين يرى المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، أن المحادثات التي تجري حول إعلان الهدنة في الغوطة “صعبة”.
لكن تصريحات السياسين وتغريدات “المغردين” تبقى حبيسة مواقع التواصل وشاشات التلفاز، ولا يراها أكثر من 300 ألف نسمة يسكنون الغوطة لعدم توفر الكهرباء والإنترنت في المنطقة، إضافةً إلى أن الملاجئ غير مجهزة بالرفاهيات، عدا عن مقومات الحياة الأساسية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :