سيرين عبد النور – دير الزور
على بعد مئات الأمتار من جسر السياسية وعند مدخل دير الزور الشمالي يقع «دوار الحلبية»، الذي يفصل بين قريتي حطله بداية الريف الشرقي والحسينية بداية الريف الغربي، من جهة ما يطلق عليه «جزيرة».
غنائم على البسطات
لم يشتهر المكان يومًا بأنه سوق أو معرض للبضائع، ولكنه كان أشبه «بالكراج» المفتوح، حيث يتجمع عنده عدد من السيارات الصغيرة والمتوسطة والدراجات النارية التي تقل الأهالي إلى جهات مختلفة.
لكن مقاتلي التنظيم اختاروا المكان لعرض غنائمهم من قرى، أبو حمام، والشعفة، والكشكية، والشعيطات، في الخط الشرقي لديرالزور، وهي مناطق انتفضت في وجه التنظيم.
يقول فاتح، أحد أبناء قرية حطله، لعنب بلدي «ما يباع عند الدوار شمل كل أدوات المنازل من إبر الخياطة إلى الغسالات والثلاجات»، مضيفًا «لم تستثن الغنائم سوى حجارة المنازل».
وبحسب شهادات أهل المنطقة والناشطين في ديرالزور «تم الاستيلاء على كل شيء حتى الدجاج والمواشي»، التي بيعت بأسعار بخسة لاتصل إلى عشر ثمنها الحقيقي.
وقد صادرت قيادات التنظيم الأغراض الثمينة والسيارات، تاركة ما بقي للعناصر، كما ينقل الشهود لعنب بلدي.
وعند استفسار الكثيرين عن مصدر هذه الأغراض، رغم نهاية المعارك منذ أكثر من شهرين (منتصف آب)، يكون الجواب الذي يتناقله عناصر التنظيم بلهجة مغربية «خذ يا شيخ ومتع نفسك، إنها غنائم مرتدين.. والله إنها أطيب الحلال إلى الله.. قرب وخذ ياشيخ».
تهميش «متعمد»
«أصبحت كوباني قضية عالمية.. في الوقت الذي نسي الجميع ما تعرضت له قرى ريف ديرالزور من مذابح على يد داعش وبخاصة عشيرتي الشعيطات والعنابزة»، بهذه الكلمات يعلق الناشط محمد العلو، منتقدًا التغطية الإعلامية التي «تتعمد تهميش الأكثرية مقارنة مع غيرهم من الأقليات، رغم أنهم واجهوا نفس المصير وبأعداد أكبر، وفق تعبير محمد لعنب بلدي.
وأضاف العلو أن معارك كوباني تزامنت مع «تفريق ممتلكات الشعيطات على مختلف ولايات الدولة، موزعة على الغريب والقريب، المشاركين مع داعش في غزوتها، التي أطلق عليها فشرد بهم من خلفهم».
وكانت عشيرة الشعيطات آخر المبايعين لـ «الدولة»، متعهدة بعدم قتالها وتسليم أسلحة العشيرة شرط عدم التعرض لأبنائها.
إلا أن معارك اندلعت بين الطرفين منذ 31 تموز، إثر قيام التنظيم بخطف 3 من أبناء الشعيطات، وأدت المعارك إلى مقتل العشرات وتهجير أكثر من 5 آلاف شخص.
وينقل الناشط محمد الخليف، مراسل شبكة شام الإخبارية، إهمال الإعلام لنازحي عشائر الشعيطات عبر صفحته في الفيسبوك، إذ يقول «الائـتلاف قدّم 200 ألف دولار من أجل إغاثة لاجئي كوباني، في حين أكثر من 100 ألف نازح من عشيرة الشعيطات، منذُ أكثر من شهرين إلى يومنا هذا، لم يقدم لهم ولا فرنك ولا أي مساعدة».
ويشاطر الخليف عدد من الناشطين الذين يصفون التمييز والظلم والتهميش الذي يقع على هذه المنطقة وأهلها «بمشاركة المجرم الأساسي بجريمته في إبادة أهالي المنطقة».
«إبادة منظمة» لا تزال فصولها مستمرة حتى اليوم، مع تزايد الملاحقات والمداهمات التي ينفذها عناصر التنظيم بحق من بقي من أبناء العشيرة في مواطن نزوحهم، بعد أن تم سرقة منازلهم وتفجيرها، كما يمنع التنظيم حتى اليوم عودة المهجرين إلى ديارهم.
يذكر أن الكثير من فصول معركة الشعيطات بقيت مخفية عند الأهالي، بينما دفنت بقيتها مع القتلى الذين تجاوزوا 1200، ولايزال أكثر من 2000 شخص بين معتقل ومفقود حسب إحصاءات ناشطين من العشيرة.