يعود الشتاء ثقيلًا على أجواء الحرب السائدة في داريا.. فصل الشتاء الثالث سيمر على المدينة هذا العام وهي ترزح تحت الحصار، وأهلها في بلاد الشتات، بردت رغبتهم في الحياة وأملهم في البقاء كبروة أيام الشتاء.
بدأ الاستعداد مبكرًا لمواجهة الفصل، فأخشاب المدينة أصبحت أقل من ذي قبل، وجمعها بات صعبًا ولا يكفي حاجات سكانها، لكن تأمين الحطب قبل دخول الشتاء أصبح من الضرورات التي لا يمكن الاستغناء عنها، فهو وسيلة التدفئة الباقية في ظل غلاء المازوت وندرته، فراح بعض الأهالي يقطعون الأشجار غير المثمرة ليتدفئوا عليها، وإن كان ذلك يسبب ضررًا بالبيئة -المتضررة أصلًا- ولكن البرد قادم ولا سبيل لمواجهته إلى بما بقي من أشجار.
آخرون عمدوا إلى إصلاح نوافذ البيوت واستبدال زجاجها، المحطم إثر القصف، بألواح خشبية يقولون أنها أكثر عزلًا للحرارة، وإن حرمتهم الضوء والهواء، بينما استحالت منازل أخرى ركامًا لاسيما تلك القديمة، يبحث الأهالي عما تبقى من أخشابها وأثاثها.
بعض السكان لجأوا إلى استبدال الألبسة المستعملة ومقايضتها، فالألبسة الشتوية غير متوفرة في المدينة، وإن وجدت فبأسعار غالية، بينما يتواصل آخرون مع أقاربهم ومعارفهم اللاجئين خارج البلاد، يستأذنونهم بدخول منازلهم وأخذ ما يتوفر بداخلها من ثياب.
أما بالنسبة للجبهات فتشهد حراكًا نشطًا استعدادًا للبرد، فالمقاتلون ينظفون الخنادق ويسقفونها كي لا تمتلئ بمياه الأمطار، كما يقومون بترميم المحارس ويحاولون عزلها.
يقول أبو أحمد أحد ناشطي المدينة، «لا أحد يعلم كم شتاءً سيمر على المدينة وهي محاصرة تعاني وطأة الأسد، ولكن ما نعرفه في داريا أن لدى أهلها وناشطيها عزيمة جبارة للتأقلم مع الحياة والتكيف معها مهما كانت قاسية وصعبة».
تزدحم سماء داريا بالمياه والبراميل، ولا يسع أهلها المحاصرون إلا السعي وراء تحصين منازلهم من المطر الإلهي، والحمم التي تمطرها عليهم طائرات الأسد.