القامشلي لا تنجر لـ “خطاب الكراهية” في مواقع التواصل

  • 2018/02/18
  • 10:44 ص

مدنيون من مدينة القامشلي يجلسون على رصيف حي القوتلي – 30 كانون الثاني 2018 (عنب بلدي)

الحسكة – جوانا عيسى

لا يشعر من يعيش في مدينة القامشلي، في الجزيرة السوري، بالأخذ والرد الذي تنشغل به مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام، بعدما أثارت تسجيلات مصورة تداولها ناشطون عرب وكرد جدلًا واسعًا وغضبًا تحول فيما بعد إلى حرب إعلامية واتهامات بين الجانبين.

وبدأ الجدل بانطلاق عملية “غصن الزيتون” في منطقة عفرين بدعم تركي، وتداول ناشطون تسجيلًا يظهر جثة مقاتلة كردية تعرضت للتمثيل بها، من قبل عناصر من “الجيش الحر” في عفرين، قبل أن يبدأ تداول تسجيل قديم لفيديو حول انتهاك قامت به “”وحدات حماية الشعب” (الكردية) عندما جاب مقاتلوها شوارع عفرين، برفقة سيارة محملة بجثث عشرات عناصر “الجيش الحر”، بعد مقتلهم قرب بلدة عين دقنة شمالي حلب، في نيسان عام 2016.

نشر هذه الفيديوهات أثار غضب الكثير من الناشطين العرب والكرد، وعبّر بعضهم عن ردود فعلهم بكلمات تحريضية، وسط تخوف البعض من تحولها إلى كراهية بين الطرفين وزيادة الشرخ الذي عمقته توجهات سياسية وعسكرية تعتمد أحيانًا خطابًا قوميًا وعنصريًا.

خطاب سياسي وليس اجتماعيًا

عنب بلدي استطلعت آراء ناشطين ومواطنين في القامشلي حول تأثير هذه الفيديوهات على العلاقة بين المجتمع العربي والكردي، وقال الناشط المدني همبرفان محمد، إن “هذه التسجيلات لن تؤثر على العلاقات الكردية العربية، وإنما تؤثر على التحالفات السياسية بينهما، كون خطاب الكراهية في الوقت الحالي سياسيًا أكثر من كونه اجتماعيًا”.

وأضاف محمد لعنب بلدي أن “الحالة الاجتماعية بين الكرد والعرب والسريان والآشوريين سلمية لحد كبير، وهناك تعايش وسلم أهلي فوق الحدود الدنيا، إضافة إلى وجود صلة قرابة تجمع عددًا كبيرًا من العشائر الكردية والعربية وروابط مشتركة مع العوائل السريانية والآشورية”، مؤكدًا أن الخلاف مايزال ينحصر في النطاق الإعلامي العسكري وأن وجود تصرفات عسكرية لا يمكن تعميمها على مكون عرقي بالكامل.

كما أكدت العاملة في المنظمة المدنية الآشورية، اورشينا حنا، لعنب بلدي، أن هذه الخطابات لن تؤثر على العلاقة المجتمعية بين الكرد والعرب والسريان، مشيرة إلى أن “المواطنين ليسوا سذجًا، وهذا التجييش الإعلامي لن يؤثر عليهم”، بحسب وصفها.

تخوف من استحضار الملفات القديمة

هذا الاحتقان سيترك أثرًا سلبيًا كبيرًا على كلا الطرفين، بحسب ما قالت الناشطة المدنية، رندة موسى، لعنب بلدي، وأكدت أن الاحتقان سيعيد الأحداث القديمة التي تعرض لها الكرد، من اضطهاد وتهميش وسلب للحقوق المدنية والإنسانية لعقود طويلة، نتيجة النهج التعسفي والممنهج عليهم، معتبرة أن “كل من يتسلم مقود السلطة يقوم بمحي وتهميش ونبذ هوية الطرف الآخر ضمن جغرافية سوريا”.

في حين رأت الناشطة زينب السيد أن هذه الخطابات ستؤثر سلبًا على العلاقات مستقبلًا، كون المواطنين يتأثرون بمواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى مسرح لتبادل الاتهامات والتخوين بين العرب والكرد بغض النظر عن الجهة التي تقوم بالنشر.

هل للمنظمات دور؟

في ظل وجود خطاب الكراهية، لابد من برامج توعية لإبعاد السكان المحليين عن التأثير السلبي للسياسة، ويكون ذلك من خلال العمل على ورشات تدريبية وجلسات تثقيفية من كافة المكونات الموجودة في المنطقة، بحسب همبرفان محمد، الذي أكد على وجود عمل مشترك مع مؤسسات إعلامية محلية للحد من هذا الخطاب، ونشر ثقافة السلم الأهلي والتعايش المشترك.

كما يمكن القيام بحملات إلكترونية للتوعية الاجتماعية، وإقامة ملتقيات ومنتديات للتخفيف من حدة هذه الخطابات والسعي للوقوف ضدها، إضافة إلى تنظيم شبكات اجتماعية تجمع عربًا وكردًا والعمل على حملات تخفف الاحتقان، كما حملة “جيجاك نحن أخوة”، بحسب ما قاله الناشط فهد عزيز لعنب بلدي.

وإلى جانب ذلك اعتبرت الناشطة رندة موسى أن الحل هو في زرع ثقافة حب الوطن والانتماء عن طريق تقريب الطرفين إلى معرفة حقوقهم المدنية وتوعيتهم بأن سيادة القانون هي ما تعنيه تحقيق المساواة بينهم، وتمتعهم بكامل حقوقهم دون أن يتعرض الطرف الآخر لأي تهميش أو أذى.

وهذا ما أكد عليه محمد، بأن حب الوطن يبدأ من التفكير بحق الفرد بالوطن والتمتع بحقوق المواطنة الكاملة الثقافية والاجتماعية والسياسية، والتعامل مع الفرد على أنه شريك القرار في بناء المؤسسات الرسمية والدستور والقوانين والتشريعات، مشيرًا إلى أنه يجب إبعاد الدين عن القوانين الدولية وعدم الفصل على أساس الدين والقومية.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا