التعليم في دير الزور يعاني والمديرية “تمارس التشبيح”

  • 2018/02/18
  • 12:51 ص

أطفال يقفون أمام منازلهم في مدينة دير الزور - 2013 (أرشيف عنب بلدي)

أورفة – برهان عثمان

طلاء جديد لجدران مدرسة “زكي الأرسوزي” في حي القصور بدير الزور، وشعارات يومية عن التعليم والنظافة، باتت جزءًا من مظاهر إعادة الترميم والإعمار في المدينة، إلا أنها لم تفلح في تحسين الواقع التعليمي الذي تعيشه، ولا حتى في تجميل كل تلك المشكلات المتراكمة تحت الطلاء الجديد.

“كل دهان الدنيا لا يكفي ليغطي دمار المنظومة التعليمية”، يقول المدرّس السابق أبو حسان (64 عامًا)، معتبرًا أن دير الزور “دخلت في نفق مظلم وتحتاج عشرات السنوات لتخرج منه”.

أكثر المتضررين، بحسب المدرّس المتقاعد، هو الكادر الإداري، سواء في مديرية التربية أو المدارس، موضحًا، “أصبح معيار التعيينات هو الولاء للنظام والتشبيح له، وليس المؤهلات العلمية والقدرات العملية، فالفساد والفوضى ضربا أطنابهما في مديرية تربية دير الزور”.

أوضاع “مأساوية”

 زادت أعداد العائدين إلى مدينة دير الزور، وخاصة الموظفين منهم، خلال الأيام التي تبعت سيطرة النظام على كامل المدينة، وآخرها حي الحميدية، مطلع تشرين الثاني 2017.

وصفٌ يكاد يتفق عليه أغلب من استطلعت عنب بلدي آراءهم حول سير العملية التعليمية، ومنهم أم بتول (59 عامًا)، والتي عملت مديرة سابقة لإحدى مدارس دير الزور، وتقول إن الكثير من الكفاءات بين المدرّسين والإداريين “تركت مهمشة دون توفير فرص عمل”.

وترى أم بتول أنه “رغم وجود الإرادة عند بعض هؤلاء، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من العملية التعليمية، إلا أنهم في حالة عجز شبه كامل بسب الضغوط الأمنية والقيود البيروقراطية”.

لا تعتبر المديرة السابقة أن الدمار الحاصل والحرب سبب كافٍ لتبرير الفوضى والفساد والعجز في القطاع التعليمي، واصفة أوضاع الطلبة بأنها “مأساوية محزنة”.

وتشير إلى أوضاع المدارس حاليًا في المدينة، “تخيل أن تدخل إلى صف وترى 100 طالب أمامك، فما هو شعورك كمدرّس، وكيف سيستمع الطلبة لك ويستوعبون ما تقوله؟”.

وبحسب المديرة، فإن الكوادر التدريسية تعاني من فوضى سياسة التعيين والفرز، وخاصة بعد صدور قرار مجلس الوزراء بوجوب عودة المدرّسين من ملاك تربية دير الزور الذين كانوا نازحين خارج المدينة إلى عملهم.

كانت دير الزور تضم أكثر من 30 مدرسة قبل عام 2011، إلا أن عشرة منها فقط تعمل بشكل فعلي حاليًا، وفق تقديرات ناشطين.

 

ذوو الطلاب يروون المعاناة

يروي أبو ميسر (49 عامًا)، والد أحد التلاميذ، معاناته لعنب بلدي، “أوصل ولدي إلى المدرسة كل يوم وأعيده منها”، متحدثًا عن مخاطر يتعرض لها التلاميذ خلال ذهابهم إلى المدرسة، “منها تحرش المجندين بهم كلامًا أو فعلًا”.

ويؤكد أن بعض المدرّسين “يرسلون التلاميذ خارج المدرسة لتأدية خدمات خارجية لهم”، مضيفًا “أعتمد على تعليم أبنائي في المنزل ولا أعوّل كثيرًا على المدرسة، فالكثيرون يلجؤون إلى ذلك لعدم ثقتهم بالمدارس، التي أضحت مكانًا للاجتماع مع أقرانهم”.

الأمر المفرح بحسب “أبو قاسم” يكمن في أن الأهالي والتلاميذ مايزالون يرغبون في التعلم، رغم الظروف الصعبة التي تحيط بهم، “أفرح كثيرًا عندما أرى أطفالي مصرين على ارتياد المدرسة للتعلم حتى ولو على أضواء الشموع”.

لا يغفل الرجل بعض المدرّسين ممن يعملون بضمير، وفق تعبيره، مشيرًا إلى أنهم “يحاولون مساعدة التلاميذ للحفاظ على شرف المهنة في زمن كشف العورات دون حياء أو خجل”.

وأما التلاميذ، الضحية الأبرز لكل ما سبق، فانقسمت مواقفهم حول المدارس، إذ عبر البعض عن سعادتهم بعودتهم لمقاعد الدراسة رغم الصعوبات التي تواجههم، بينما اشتكى آخرون من مضايقات في المدرسة، وصعوبة في الفهم، إضافة إلى قلة الخدمات داخل الصفوف المزدحمة.

وكانت حكومة النظام أجبرت آلاف العوائل من الموظفين على العودة إلى مدينة دير الزور، ما تسبب بمشكلات عقدت من حياة المواطنين، وضاعفت من الاحتياجات الصحية والخدمية، إضافة إلى التعليمية منها، الأمر الذي شكل ضغطًا على ما تبقى من مرافق.

مقالات متعلقة

  1. المواجهات المسلحة تربك قطاع التعليم في دير الزور
  2. الخوف والفقر يحاصران أفراح الناجحين في دير الزور
  3. أهالي دير الزور يبحثون عن الفرص في "اقتصاد ناشئ"
  4. "الإدارة" تحاول فرض مناهجها من جديد بدير الزور

مجتمع

المزيد من مجتمع