المالك يرفع والزبون عليه أن يدفع
أزمة الإيجارات في إدلب تتفاقم
إدلب – رؤى الزين
“نازح وليس سائح”، عبارة تتردد في مدينة إدلب على لسان نازحين فروا من النزاعات المسلحة التي يشهدها ريف المحافظة الجنوبي الشرقي، إلى مدينة اصطدموا فيها بعقبات فاقمت معاناتهم، متحدثين عن استغلال من قبل أصحاب المنازل الذين رفعوا أسعار الإيجارات إلى حد عجز النازحون عن مجاراتها.
خديجة حاج علي، سيدة من مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، تحدثت لعنب بلدي عن نزوحها إلى مدينة إدلب التي واجهت فيها صعوبة البحث عن منزل لعائلتها، بسعر يلائم وضعها المادي، إذ تفاجأت بالغلاء الذي لم تشهده المدينة قبل قدومهم، على حد قولها.
تقول خديجة إن العثور على بيت في منطقة آمنة أصبح أمرًا مستحيلًا، مشيرة إلى أنها بقيت وأولادها عشرة أيام تحت القصف لعجزها عن إيجاد بيت آمن.
“بحثت كثيرًا عن منزل حتى تمكنت من الحصول على بيت مفروش تملكه صديقتي في ريف حلب الغربي، مكون من غرفتين، وإيجاره 50 ألف ليرة سورية (ما يعادل 100 دولار)”، تضيف خديجة.
وبحسب ما رصدت عنب بلدي في أسواق العقارات بإدلب، فإن إيجار منزل في منطقة آمنة نسبيًا قد يصل إلى 75 ألف ليرة (150 دولارًا)، إذ إن “الأمان” غالبًا ما تكون ضريبته غلاء الأسعار، بحسب خديجة.
وعند لقائنا مع صاحب مكتب عقاري في مدينة إدلب، يدعى أبو عبدو، قال إن أصحاب المكاتب العقارية مستاؤون أيضًا من الوضع الذي آلت إليه إيجارات المنازل في المدينة، مشيرًا إلى أن غلاء الأسعار لم تشهده إدلب من قبل، رغم موجات النزوح المتكررة منذ سنوات.
أبو عبدو أكد ما قالته خديجة، وقال إن إيجار المنزل “الجيد” أصبح وسطيًا 50 ألف ليرة، مشيرًا إلى مبالغ إضافية على المستأجر دفعها تحت مسمى “التأمين”، الذي أصبح عرفًا جديدًا في سوق العقارات.
وحمّل أبو عبدو مسؤولية ما يحدث لأصحاب البيوت، بقوله إن غلاء البيت يأتي بطلب من المالك، “التاجر لا يستطيع التحكم بذلك، بالنهاية هناك عقد متفق عليه من قبل المستأجر (الزبون) والمؤجر (المالك)”.
وبرر أبو عبدو طلب أصحاب المنازل للتأمين بانتشار ظاهرة سرقة البيوت، مشيرًا إلى أن تأمين البيت المفروش يتراوح بين 100 و200 دولار أمريكي، أما المنزل غير المفروش يكون تأمينه 50 أو 100 دولار.
أما عن العمولة (الكومسيون) قال أبو عبدو إنها تختلف من تاجر إلى آخر، موضحًا أنه يأخذ من المستأجر نصف إيجار المنزل، ومن صاحب البيت حسب الاتفاق معه.
ما الإجراءات التي اتخذتها الإدارة المحلية لاحتواء الأزمة؟
عنب بلدي طلبت توضيحًا من الإدارة المحلية في إدلب عن الاستغلال الذي يواجهه النازحون في المدينة، وأكد وزير الإدارة المحلية في “حكومة الإنقاذ”، فاضل طالب، وجود “تجار أزمات” على خلفية حركة النزوح التي شهدتها المدينة.
طالب أشار لعنب بلدي إلى أن وزارته تعمل على ضبط الموضوع من خلال التنسيق مع وزارة الداخلية في “حكومة الإنقاذ” من أجل قمع أي ابتزاز أو استغلال للنازحين، مشيرًا إلى أن عدد الشكاوى التي تقدم بها النازحون كانت قليلة، وغالبًا لم يتم التعامل معها كما يجب.
وأضاف أنه حتى الآن لا يوجد قانون يحمي حق الطرفين، “إلا أننا نعمل على إعداد قوانين بهذا الخصوص”، مشيرًا إلى إجراءات اتخذتها حكومته لاحتواء الظاهرة، وهي حث الطرفين على تثبيت عقد الإيجار في البلدية لضمان حق المستأجر والمؤجر، بالإضافة إلى قوننة وترخيص المكاتب العقارية الموجودة في المنطقة، وإغلاق المكاتب غير المرخصة.
وقدّر طالب عدد النازحين من ريف إدلب بحوالي 60 ألف عائلة، بسبب العمليات العسكرية التي يشهدها ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وتفاقمت معاناة النازحين شمالي سوريا بعد العمليات العسكرية التي تشهدها المنطقة، إذ شن النظام السوري حملة عسكرية، في تشرين الأول الماضي، على مواقع لفصائل المعارضة جنوبي إدلب لاستعادة السيطرة عليها، واستهدف تجمعات كبيرة للمدنيين، ما أدى إلى حركة نزوح كبيرة للسكان إلى المناطق الأكثر أمنًا في المحافظة.
وأحصت الأمم المتحدة، في تقرير نشرته، في كانون الثاني الماضي، نزوح ما يزيد عن 200 ألف شخص في الفترة بين 15 كانون الأول 2017 و16 كانون الثاني 2018، ونوهت إلى صعوبة وصول منظمات الإغاثة إلى المحتاجين في إدلب، داعية أطراف النزاع إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الملحة لهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :