يصور الناشط الحقوقي السوري منصور العمري فيلمًا تسجيليًا يسلط الضوء على قصص لمعتقلين ناجين من سجون النظام السوري، ويروي قصة تسريبه لقميص كتب عليه أسماء معتقلين لدى المخابرات السورية.
الفيلم عبارة عن سلسلة من 12 جزءًا، تحمل عنوان “82 اسم”، نسبة إلى أسماء المعتقلين الذي كتبوا أسماءهم بالدم والصدأ على قميص أبيض سربه منصور العمري من سجون الفرقة الرابعة التابعة للمخابرات الجوية بعد الإفراج عنه، عام 2013.
العمري قال لعنب بلدي إن إنتاج الفيلم جاء بدعم من متحف “الهولوكوست” في العاصمة الأمريكية واشنطن، وأخرجه الصحفي الإيراني الكندي، مزيار بهاري، بهدف نقل الواقع كما هو من داخل سجون النظام وتسليط الضوء على الانتهاكات بحق المعتقلين والمغيبين قسرًا منذ بداية الحراك السلمي في سوريا عام 2011.
حاليًا تم نشر ستة أجزاء من الفيلم، على صفحة خاصة به في “فيس بوك”، تحمل اسم “82 اسم“، على أن تنشر جميعها حتى نهاية شباط الجاري، ومن المقرر إطلاق الفيلم كاملًا بصيغة رسمية في آذار المقبل.
وتُنشر سلسلة الأجزاء باللغة العربية، إلا أن العمري قال إنه بدءًا من الأسبوع المقبل ستتم ترجمة المقاطع إلى اللغة الإنجليزية، لضمان وصول الرسالة إلى المجتمع الغربي.
ويتضمن الفيلم مقابلات مع ناجين من المعتقلات السورية، ومنهم مازن درويش وهند المجلي ويزن عوض وغيرهم، يروون بلسانهم قصص التعذيب والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون لدى أجهزة النظام السوري على خلفية النشاط السلمي ضده.
وكان منصور العمري هرّب، عند خروجه من المعتقل عام 2013، قطع قماش من قميص كتب عليها أسماء 82 معتقلًا في الفرقة الرابعة بالدماء والصدأ باستخدام عظام الدجاج.
إلا أنه وبعد خروجه من المعتقل تم تحويله إلى قسم الشرطة العسكرية، فاضطر إلى تخبئة قطع القماش تحت أكمام القميص الذي كان يرتديه، ما عرض الأسماء للتشوه بفعل التعرق والحرارة.
وبناء عليه أطلق متحف “الهولوكوست” مشروعًا لتحليل القميص بهدف الحفاظ عليه من الاهتراء والكشف عن الأسماء التي تشوهت أحرفها، من أجل إبلاغ ذويهم الذين لا يعرفون شيئًا عنهم ولا عن مكان وجودهم منذ سنوات.
وكان متحف “الهولوكوست” في واشنطن قرر، في آب الماضي، عرض القميص على المواطنين الأمريكيين، مدة عام واحد، لنقل معاناة المعتقلين المغيبين في سجون المخابرات السورية، وخصص له قسمًا في المعرض تحت اسم ”سوريا: نرجوكم لا تنسونا“.
وقال العمري، الذي قضى عامًا في المعتقلات، إن لذلك أهمية في تعريف الرأي العام العالمي على ملف المعتقلين “المنسي”.
ويبقى ملف المعتقلين معضلة “كبرى” في المسألة السورية، إذ لم تستطع أي جهة دولية حتى اليوم محاسبة المسؤولين عن التعذيب، رغم آلاف الانتهاكات التي توثقها منظمات حقوقية محلية ودولية
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بلغ عدد المعتقلين الموثقون بالأسماء في سجون النظام 106 آلاف شخص، 80% منهم مغيبون قسريًا، لكنها تقدر أن عددعم يتجاوز 215 ألفًا.
العمري اعتبر أن القصص الفردية للمعتقلين لها تأثير أكبر على الرأي العام من الأرقام والإحصائيات، وأضاف لعنب بلدي أن عرض القميص في متحف الهولوكوست “هو جزء من مجموعة فعاليات أقوم بها لتسليط الضوء على قضية المعتقلين الغائبة بين ملفات المأساة السورية”.