إدلب – طارق أبو زياد
لا تكاد ترى أحدًا يسير على الطريق الدولي، الشريان الرئيسي لريف إدلب الجنوبي والشرقي. كبرق تمر سيارة مسرعة هربًا من الاستهداف، بائعو الوقود والقهوة على الطريق تركوا محالهم ولم يعودوا.
هذا هو حال طريق حلب- دمشق اليوم، بعد حملة عنيفة ماتزال مستمرة من قبل الطيران الروسي والسوري، تستهدف أي تحرك على الطرقات الرئيسية بريف إدلب، الأمر الذي أجبر السكان على سلك طرقات فرعية بين المدن والبلدات، تعتبر أقل خطرًا، لكنها أسوأ على حركة المدنيين ونقل البضائع.
“بحر” يرصد “الحربي”
“عشرات الطلعات الجوية يوميًا وحربي الرشاش مخصص للطرقات”، يقول “مرصد بحر”، الذي قابلته عنب بلدي، وهو شخص يعمل في مجال الرصد والتنصت على اتصالات المطارات، وتنبيه الناس من الطيران، ورفض الكشف عن اسمه الحقيقي، واكتفى بالاسم المتعارف عليه على القبضات اللاسلكية.
أفاد “بحر” أن الطلعات الجوية باتجاه محافظة إدلب تتعدى الـ 50 إقلاعًا يوميًا من مختلف المطارات، ولعل أبرزها مطار “حميميم”، القاعدة الجوية الروسية في طرطوس، بالإضافة لمطارات حماة العسكري؛ الشعيرات والـ T4 في حمص، والنيرب وكويرس في حلب.
ونوّه “بحر” إلى أن استهداف الطرقات الرئيسية أصبح نهجًا جديدًا للطيران، فهو يغير عليها بطائرات معروفة بين الناس باسم “حربي الرشاش”، وهي طائرات تحلق على مستوى منخفض ليلًا وتستهدف الطرقات الرئيسية.
يُحدد “بحر” طلعات “الحربي” اليومية بـ 15 مرة، بين مطار حميميم بطائرات “SU25″، ومطارات النظام ليلًا بطائرات “L39″، ويبقى في الجو قرابة نصف ساعة، ويركز عملياته على أوتوستراد دمشق- حلب الدولي، ما يشل حركة السيارات على الطريق بشكل شبه تام.
“نقوم بتنبيه الناس عند وجود حربي رشاش في السماء، ونحدد مكانه وزمن انتهائه، وندعو الجميع للاستماع إلى تردد الـ 16 (تردد عام للمدنيين على قبضات اللاسلكية)”، يقول “بحر”.
ثم يضيف “بعض الناس يحسبون الأمر هينًا، وأن الطيران لن يستهدف السيارات المدنية، ولكن تم رصد عدة حالات لاستهداف سيارات مدنية ومن النازحين على الطرقات الرئيسية، مخلفًا شهداء وجرحى وخسائر مادية كبيرة، خاصة في سراقب التي تعتبر مركزًا ضروريًا للمرور إلى كافة الاتجاهات في إدلب”.
غلاء في الأسعار وصعوبة في نقل البضائع
عمر المصطفى أحد أهالي ريف إدلب الجنوبي يعمل في تجارة المواد الغذائية، أوضح لعنب بلدي، أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعًا بسيط نسبيًا بأسعار البضائع بشكل عام.
ويعود ذلك لارتفاع تكلفة نقلها، كون سيارات النقل باتت تعتمد على الطرقات الفرعية، ما يزيد المسافة والوقت وصرف الوقود.
فضلًا عن كون الطرقات الفرعية أو الزراعية، التي توقفت صيانتها منذ بداية الثورة، غير مجهزة لهذا الضغط الكبير من السيارات لردائتها، وتؤدي إلى تعطل نظام التعليق في السيارة، بحسب المصطفى.
الطرقات مقطوعة بين المرضى والمستشفيات
غيداء فاعوري، نازحة من مدينة حماة في ريف إدلب الجنوبي، تحدثت لعنب بلدي عن اضطرارها هذا الشهر للذهاب بشكل شبه يومي، من مدينة كفرنبل، حيث تقيم، إلى مدينة إدلب لتلقي العلاج وإجراء الفحوصات الطبية.
لكن غيداء لم يعد بإمكانها الذهاب بسبب سوء الطرقات واستهداف السيارات من قبل الطيران بشكل دائم، ما قد يؤدي إلى تدهور حالتها الصحية.
“سأذهب حتمًا عندما تقام هدنة جديدة، ولكن اليوم هذا شبه مستحيل بالنسبة لي”، توضح غيداء.
وتشهد مدينة إدلب تصعيدًا عسكريًا من قبل الطيران، خاصة في ريفيها الجنوبي والشرقي، بسبب المعارك الدائرة على محور أبو الظهور، ولم يكتف الطيران باستهداف مناطق التماس العسكرية، بل تركز قصفه على طول المناطق الواقعة على أوتوستراد دمشق- حلب الدولي، لا سيما في سراقب ومعرة النعمان وخان السبل، وهي بلدات تعتبر مراكز ونواحي في المنطقة.