“غرباء تمامًا” في الصندوق الأسود

لقطة من الفيلم الإيطالي "Perfetti sconosciuti" (انترنت)

camera iconلقطة من الفيلم الإيطالي "Perfetti sconosciuti" (انترنت)

tag icon ع ع ع

تصدم مقدمة فيلم “Perfetti sconosciuti” (غرباء تمامًا)، المشاهد الذي يقع في حيرة أثناء التفكير بالسبب الذي دفع بالمخرج الإيطالي، باولو جينوفيزي، لاختيار هذا العنوان لفيلمه، لا سيما أن المقدمة، تُقدم للمشاهد مجموعة من الأصدقاء والأزواج، الذين يعرفون بعضهم البعض منذ الطفولة.

تدور أحداث الفيلم في منزل زوجين من المجموعة، وتمتد طيلة فترة السهرة التي يتخللها عشاء، أثناء مشاهدة خسوف القمر.

لكن السهرة التي تبدأ بجو مرح للغاية، وتعليقات طريفة ولاذعة بين الأصدقاء، لا تلبث أن تذهب بالتدريج نحو أحداث مأساوية، تهدد بتدمير عائلات وتفرقة أصدقاء.

إلا أن الأسلوب الدرامي الذي اختاره المخرج وخمسة من كتاب السيناريو، لنقل وجوه الممثلين من الضحك إلى البكاء، ووجوه المشاهدين من الابتسامة الساخرة إلى الدهشة مما يحصل، تعطي انطباعًا قويًا أن ما يجري في هذا البيت لا يخضع لـ “القوانين الطبيعية” في المجتمعات البشرية، بل هو أشبه بأرض في الفضاء الخارجي يتحرك سكّانها دون أي أثر للجاذبية.

إحدى شخصيات الفيلم تعمل كمحللة نفسية، ويبدو أنها تضمر الكثير من الشر المدمر، إذ تستغل حديثًا عن وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف، لتضع الجميع في مأزق، بعد اقتراح لعبة تقضي بوضع الجميع لهواتفهم على طاولة الطعام، ومشاركة الآخرين بكل ما يردهم من اتصالات ورسائل خلال السهرة.

ووجهت المحللة النفسية ضربة قاضية لأصدقائها باستغلالها للحديث الذي كان دائرًا بينهم قبل اقتراح اللعبة، “إن كنتم لا تخفون أسرارًا في هواتفكم فلم ترفضون اللعبة”.

وأمام النظرات المتبادلة بين الأزواج، والشعور بالقلق من فكرة وجود أسرار لدى الآخر، يضع الجميع هواتفهم على الطاولة كدليل براءة، خلال ساعة ونصف ستتحول الضحكات إلى مآسٍ بكل ما تعنيه الكلمة.

الفيلم يُقدم الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي بوصفها “الصندوق الأسود” لحياتنا، وما قد يحدث في حال تمكن أحدٌ ما من فتح هذا الصندوق.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة