صرح مدير الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة في حكومة النظام السوري، أن أكثر من مليون شخص يعانون من اضطرابات نفسية شديدة.
وجاء تصريح المدير، رمضان محفوري، لصحيفة “الوطن”، المقربة من النظام، أمس الخميس 8 شباط، على خلفية الحديث عن علاج ظاهرة التسول.
وأكد محفوري دور الأحداث التي مرت بها سوريا خلال السنوات السبع الأخيرة، في زيادة المصابين بهذه الاضطرابات.
آثارها نفسية على الأطفال
تعد الحروب من أهم العوامل التي تؤثر على الصحة النفسية للإنسان، لأن غريزة البقاء هي الأساسية عنده، والحرب تهدد بقاءه وتسلبه الشعور بالأمان.
وبدأت الحرب في سوريا تعكس آثارها النفسية على الناس منذ بدايتها، في الأماكن التي شهدت تصعيدًا عسكريًا من قبل “قوات الأسد”.
ومن هذه المناطق “داريا”، في ريف دمشق، التي تعرضت للقصف منذ بدايات الثورة، فخلفت دمارًا كبيرًا، ولكن آثارها التدميرية النفسية لم تقل عن الجسدية والمادية.
ويعتبر الأطفال أكبر شريحة تعرضت لمخاوف “ما بعد الصدمة”، وهي ما يظهر أثرها على المدى البعيد، وتتمثل بانتشار الأمراض النفسية، والمشكلات الاجتماعية بعدم إمكانية الفرد من إقامة علاقات اجتماعية مع آخرين.
ويحتاج الطفل إلى الرعاية النفسية، لتمكينه من تجاوز آثار الحرب على نفسيته، وبحسب ما يؤكد مختصون نفسيون، فإن عددًا كبيرًا من الأطفال الذين سيحالفهم الحظ في البقاء على قيد الحياة بعد الحرب، سيعانون على المدى البعيد من اضطرابات نفسية، وإن هذه الاضطرابات ستتراوح خطورتها بحسب وعي الأهل واستيعابهم لحالة أطفالهم.
ويرى باحثون أن ردود الفعل التي تصاحب وقوع الانفجارات قد تكون آنية بالصدمة والخوف، ثم الصراخ، وتليها حالة صعوبة في التفكير وشعور بالقلق الدائم، ولكن هذا الشعور يتطور مع الوقت ليصبح حالة عدم اطمئنان حتى في الظروف الطبيعية، كما يتحول على المدى البعيد إلى حالة عدم قدرة على التكيف مع الآخرين.
ويختلف أثر الصدمة على الأطفال بحسب فئاتهم العمرية، فالأطفال الذين لا يتجاوز عمرهم الثانية، يشعرون بعجز من حولهم، وينعكس هذا على شعورهم بالانفعال.
أما الأطفال من 3 إلى 6 سنوات فيشعرون بالعجز وعدم القدرة على التعبير عما في داخلهم، وكلما زاد عمر الطفل زاد شعوره بالخوف والغضب، وأحيانا بالذنب.
ولمساعدة الأطفال على تجاوز هذه المرحلة ينصح أخصائيون نفسيون بتوفير بيئة طبيعية لهم، والتركيز على التعلم وممارسة الأنشطة، ليندمجوا في المجتمع ثانية.
أثر الحرب على الكبار لا يقل خطورة
تأثير الحرب على الكبار يختلف من حيث سرعة ظهوره، فيشعر الشخص بخلل في السلوك اليومي، وعدم القدرة على القيام بالنشاطات الاعتيادية، كما يصبح كثير الخوف والقلق والترقب.
بالإضافة إلى الشرود الذهني وقلة التركيز، وعدم القدرة على النوم والأحلام المزعجة.
وأحيانًا تتحول الأعراض إلى حالة خطيرة، مثل اضطرابات القلب والتنفس، وفي حال استمرار هذه الأعراض لثلاثة أشهر فقط يعتبر الشخص مصابًا بصدمة نفسية شديدة، أما في حال استمرارها لفترة أطول فتصنف أنها صدمة نفسية مزمنة.
ولعلاج الاضطراب النفسي عند الكبار، الناجم عن الحروب، ينصح أخصائيون بنقلهم إلى بيئة آمنة، وإعطائهم الفرصة للتعبير عن مشاعرهم، ووصف مخاوفهم، وتقديم الدعم والمساندة النفسية حتى يشعر الشخص بالأمان.