استبداد وغنم في منشآتنا الرياضية

  • 2018/02/04
  • 11:03 ص

عروة قنواتي

في مطلع أطروحات المختصين بمجال الإدارة الرياضية يقال “إذا أردنا للرياضة أن تزدهر وتتقدم فلا بد من أن تتخذ العلم طريقًا… والإدارة هي أحد الأعمدة العلمية الأساسية التي تعتمد عليها كافة الدول المتقدمة ومنشآتها ومؤسساتها في النهوض بالرياضة والتربية الرياضية”.

إلا في سوريا.. وعلى أرض سوريا قبل الثورة، وفي سنواتها أيضًا، تبدو المنشآت والصالات والملاعب متحولة متبدلة من حالة اليتم والفقر وقلة الحيلة، إلى إلباسها ثوب الحاضن لكل مستبد ومجرم وميليشياوي رغمًا عنها، بدءًا من نظام وجيش وأمن بشار الأسد، ومرورًا بتنظيم الغدر والجريمة داعش، وقوات سوريا الديمقراطية، وصولًا إلى هيئة تحرير الشام ومن يعمل ضمن أروقتها.

بادئ الأمر لا بد أن نعترف جميعًا أن بوابة الجريمة والتشويه والدمار التي طالت ملاعب سوريا الرياضية وبنيتها التحتية من أسلوب وصناعة نظام الحكم في البلاد منذ عشرات السنوات، فقد أبدع جيش البلاد وأمنه المستبد في الاعتقال والتصفية والقصف بحق المدنيين من داخل الملاعب السورية في اللاذقية ودمشق ودرعا ودير الزور وحلب وغيرها، وماتزال بعض الملاعب تمارس نفس المهمة حتى اليوم.

إلا أن أنواع الاستبداد والأشكال التي تتغير في الرايات والأعلام وتتفق في منهج الجريمة، كان لها حصة من هذا الاعتداء كما ظهر في صور “قوات سوريا الديمقراطية” في ملاعب الرقة وتنظيم “الدولة الإسلامية” في الرقة ودير الزور، لتخرج اللقطات الحزينة لهذه البنى التحتية والتي تم إخراجها عن أساس وجودها الإنساني الرياضي لتكون في خدمة مشاريع القتل والتنكيل بحق الشعب السوري وتحت الحجج والمبررات الدولية أيضًا والتي تفتح عينًا هنا وتغمضها هناك كما يحصل في قصص الآثار والمتاحف والقلاع كل مرة.

قبل أيام يطل علينا جهابذة “حكومة الإنقاذ” التابعة لهيئة تحرير الشام العسكرية، والذين سيطروا بالقوة على ملاعب محافظة إدلب وصادروا المعدات الرياضية والتجهيزات على مبدأ “الغنائم”، يطلون بأفكارهم العصرية من خلال تحويل ملعب إدلب البلدي إلى “مرعى أغنام” في صورة بعيدة كل البعد عن الرقي أو التفكير العملي والإداري، والتي تؤكد إصرار هؤلاء بآلتهم العسكرية المستبدة بالقضاء على أي ابتسامة للشعب السوري في المناطق المحررة.

ليس غريبًا برأيي المتواضع على من يحرق أعلام الثورة السورية ويقاتل ويقتل أبناءها ويخطفهم إلى أماكن مجهولة أن يخطف الملاعب والصالات الرياضية وأن يجعلها بهذا الشكل المقزز المقرف، الذي إن دل على أمر فإنه يدل ويشير إلى قصور في الأخلاق وفي التربية وفي أسس التعامل مع المواطنين، اللهم إلا بلهجة السلاح والتنكيل والترويع.

إجابة قبل أيام جاءت على تساؤلنا عن هذا المشهد تبرر بأنه مفيد لإعادة تسميد الأرض وزراعتها مجددًا أو تخطيطها بعد الرعي… قد نذهب مع هذا التبرير “العالي الجودة” ونماشي رغبة من أرسله واحتفل به، ولكن ياسيدي: ليست الأراضي والملاعب من تحتاج الرعي والتسميد، إنما عقول من صادر وسرق واغتنم.

وبسلامة كل الرياضيين السوريين الأحرار.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي