عنب بلدي – درعا
دخل اتفاق تثبيت مناطق “تخفيف التوتر” في محافظة درعا أيامه الأخيرة، وكانت كلمة “مؤقتة” التي برزت في بنوده هي الملفتة للنظر، إذ حملت إشارة واضحة أن هذه المنطقة ربما تعود للاشتعال فور انتهاء صلاحية ما تم التوصل إليه.
ورغم التصريحات الأردنية على لسان وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام، محمد المومني، بأن “الاتفاقية خطوة مهمة ضمن الجهود الثلاثية المشتركة لوقف العنف في سوريا”.
إلا أن الإشارات الدائمة التي كانت ترسلها قوات الأسد بالتأكيد على أن الاتفاق “مؤقت” انعكست بشكل سلبي على الأوساط الشعبية في محافظة درعا، وعاشت طوال الأشهر الماضية في وضعية اللاحرب واللاسلم، أمام مشاهد انهيار الاتفاق الذي ضم الغوطة الشرقية ومحافظة إدلب.
العد التنازلي يبدأ
اتبعت قوات الأسد أسلوبًا جديدًا مع اقتراب انتهاء الاتفاق، واستخدمت سياسة الترهيب باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة درعا بتأكيدها المتكرر أن “العد التنازلي” بدأ بالاقتراب في العاشر من شباط الجاري، وهو موعد انتهاء العمل بالاتفاق.
وترجمت تاريخ الانتهاء في سياق تهديدها لمدينة الصنمين في ريف درعا الشمالي، معتبرة أن “تجربة إخلاء المدينة لساعات هي نموذج مصغر عما ستعيشه المدينة في حال رفضت المصالحة”، بحسب ما تحدث مصدر مقرب من الوفد التقى بقيادة الفرقة التاسعة في قوات الأسد لعنب بلدي، بعد أن شهدت المدينة توترًا لساعات على خلفية بيان لقوات الأسد بإخلائها تمهيدًا لاقتحامها، قبل أن تتراجع عن البيان بعد ساعات وتنتقل للهجة التهديدات.
وأضاف المصدر أن قوات الأسد طالبت بضم المدينة للمصالحة وتسليم كافة الأسلحة، وهددت بأن المهلة هي العاشر من شباط، وبعدها سيتم استخدام القوة على اعتبار أن اتفاق “تخفيف التوتر” انتهى.
وأوضح أنها المرة الأولى التي يتم استخدام هذه اللهجة من النظام السوري بحق المدينة، مشيرًا إلى أنها قد تكون “تمهيدًا لمعركة يتم تحضيرها بعد انتهاء الاتفاق في ريف درعا الشمالي الغربي، ومدينة الصنمين هي المقدمة فقط”.
وأكد أن ما روجته قوات الأسد حول اختطاف أحد عناصرها في المدينة هو “كذبة”، هدفها فقط خلق ذريعة لزيادة التوتر والتمهيد لما يخططون له.
وقبل أيام من التهديدات كانت قوات الأسد أعادت العديد من قواتها إلى محيط مدينة الصنمين، بعدما أرسلتهم لأسابيع للمشاركة في معارك مدينة حرستا شرق دمشق، الأمر الذي زاد من حالة الترقب في المدينة.
من الصنمين إلى جاسم
ليس بعيدًا عن مدينة الصنمين، تمارس قوات الأسد ضغوطًا على مدينة جاسم، رغم أنها لا تخضع لحصار كحال الصنمين، لكن التهديد باقتراب انتهاء “تخفيف التوتر” هو المشترك بين المدينتين.
وتريد قوات الأسد “تحييد المدينة عن أي معارك ستشهدها المنطقة ومنع الفصائل من استخدامها في المعارك”، بحسب ما تحدث أبو محمود الجباوي، من أهالي مدينة جاسم المطلّعين على تهديدات قوات الأسد.
وأوضح الجباوي لعنب بلدي أنه تم إيصال التهديدات عن طريق عدة وسطاء، وطالبت قوات الأسد المدينة بالانضمام للمصالحة وتحييدها عن المعارك.
وأشار الجباوي إلى أن النظام يحاول تحييد المدن الرئيسية في منطقة الجيدور عن أي معارك متوقعة في ريف درعا الشمالي الغربي عبر تهديدها بالقصف، مضيفًا “يحاولون إيصال رسائل أنه في حال منع الأهالي لفصائل المعارضة من استخدام المدينة أثناء المعارك، فإنها لن تتعرض لأي قصف”، كنوع من الضغط المباشر على الحاضنة الشعبية لفصائل المعارضة.
واستخدم النظام ذريعة انتهاء اتفاقية “تخفيف التوتر” كمبرر لشن أي عمل عسكري ضد مدينة جاسم، بحسب الجباوي، الذي أشار لذات التاريخ الذي تم تهديد مدينة الصنمين فيه، “قالوا للوسطاء إنهم بعد هذا التاريخ (10 شباط) سيقصفون أي منطقة تشهد تحركات عسكرية لفصائل المعارضة”.
صب اتفاق “تخفيف التوتر” في صالح الأسد بشكل كبير، فأوقف جبهات وأشعل أخرى، ومنذ دخول اتفاقي وقف إطلاق النار و”تخفيف التوتر” حيز التنفيذ في محافظة درعا في النصف الثاني من العام الماضي، وصولًا إلى شباط الجاري، تغيرت خريطة السيطرة في سوريا لصالح الأسد لا سيما شمالًا وشرقًا.
بينما حافظت على شكلها جنوبًا، واكتفت فصائل المعارضة في درعا باتخاذ موقف بعيدٍ عن الحدث، في الوقت الذي تشير معظم التحليلات أنها ستصبح مركز الحدث في المرحلة المقبلة.