“الإتجار بالبشر” بين سوريا ولبنان.. من يتحمل المسؤولية؟

  • 2018/02/04
  • 12:00 ص

جثث متجمدة للاجئين سوريين وجدت في جبل الصويري على الحدود السورية اللبنانية 2018 (النهار)

عنب بلدي – نينار خليفة

جثث متجمدة لأسر سورية لاجئة كانت تحاول التسلل عبر الحدود السورية- اللبنانية وجدت على قارعة الطريق.. مشهد يجسد الموت بأبشع صوره، وقضية أثارت الرأي العام وأعادت إلى الواجهة أزمة تهريب السوريين عبر الحدود اللبنانية قرب نقطة المصنع التي تصل دمشق بالبقاع بصورة غير شرعية.

على علوّ 1500 متر بين الجبال ووسط العواصف الثلجية والطقس البارد شقوا طريقهم، فقتلهم الصقيع والإجراءات اللبنانية المشددة، التي لم تُرفَق بالحد من عمليات التهريب.

وأمام عظمة الفاجعة، تطرح التساؤلات عمّن يتحمل المسؤولية؟ وما الحلول المطروحة؟

16 جثة متجمدة، بينهم أطفال، عثرت عليها السلطات اللبنانية في جبل الصويري، واجهت القوى الأمنية صعوبة في تحديد هوية أصحابها لعدم حيازة بعضهم أوراقًا ثبوتية.

مصادر طبية أفادت أن الوفاة ناجمة عن توقف مفاجئ في القلب بسبب الجهد العالي وتجمد في الشرايين، ما أدى إلى سكتات قلبية.

ووفق ما ذكرت وسائل إعلام لبنانية، فإن الضحايا عبروا الأمن العام السوري في جديدة يابوس قبل وفاتهم بيومين بطريقة قانونية، واستدلت على ذلك بحيازتهم لقسائم خروج.

ولدى وصولهم إلى نقطة الأمن العام اللبناني، وعجزهم عن تأمين المبالغ المفروض أن يحملها كل وافد سوري، والبالغة ألفي دولار، اصطادهم سماسرة المهربين.

وقالت الناطقة الإعلامية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ليزا أبو خالد، عقب العثور على الجثث، إنه لا معلومات تفصيلية لدى المفوضية عما إذا كان الضحايا مسجلين لديها كلاجئين، أو أنهم عبروا إلى سوريا وحاولوا العودة خلسة، لأن من يعود إلى سوريا من اللاجئين لا تسمح الدولة اللبنانية له بالعودة إلى لبنان.

وأضافت أن المفوضية سبق أن رصدت عمليات دخول خلسة إلى لبنان في أوقات سابقة، وتنوعت أسباب هذا الدخول، وبينها ربما لم شمل عائلات.

هل أسهم تغاضي الدولة بانتشار شبكات التهريب؟

تنشر وسائل الإعلام اللبنانية أخبارًا بين الحين والآخر عن إلقاء القبض على شبكات تهريب للأشخاص، كان آخرها شبكة ألقي القبض عليها في 30 كانون الثاني 2018، إذ أعلنت شعبة المعلومات في بلدة الصويري البقاعية أنها تمكنت من توقيف شبكة تهريب للأفراد تعمل بين سوريا ولبنان.

وتتكون الشبكة من م. ب. (مواليد عام 1995، سوري)، وب. ع. (مواليد عام 1998، سوري)، وح. ج. (مواليد عام 1999، سوري) تم تسليمهم جميعًا إلى القوى الأمنية المعنية.

تكشف التحقيقات أن المهربين هم عبارة عن شبكات مؤلفة من لبنانيين وسوريين، يعتمدون على رعاة يعرفون المسالك الجبلية الوعرة ووضعها في كل الأحوال المناخية.

أما عن الأسعار التي يتقاضونها فتختلف بحسب الوضع الأمني للشخص وحيازته أوراقًا رسمية، كما تختلف بحسب الأعمار.

متى بدأت عمليات التهريب؟

بدأت عمليات تهريب البشر بين سوريا ولبنان بعد عام 2011، إذ كانت تقتصر على المحروقات والسلع الغذائية والدوائية قبل ذلك.

في عام 2012 بدأ نشاط التهريب على طرق جبال البقاع اللبناني، ليزداد مع كل تضييق أو إجراء أمني جديد على المعابر.

وليتحول هذا الملف منذ عام 2015 إلى مشكلة كبيرة للبنان، بعد إدراج عمليات التهريب، وبالأخص تلك التي تنظمها شبكات متخصصة، تحت عنوان “الإتجار بالبشر”.

كيف تتم عمليات التهريب؟

تتم عمليات التهريب عادة في ساعات الليل، أما المسافة التي يعبرها الداخلون خلسة فتستغرق بين أربع وخمس ساعات من المشي في الطرقات الوعرة.

وعادة تتم عمليات التهريب دون استخدام الأشخاص أي وسائل حماية لمواجهة العوامل الطبيعية القاسية، التي تزداد خطورة في فصل الشتاء جراء تكدس الثلوج.

ومن لا يتمكن من تحمل هذه المشاق يتركه المهربون ليكملوا طريقهم، وأما من استطاع إكمال الطريق يكون مهددًا بخطر انفجار الألغام التي زرعها الجيش اللبناني في المنطقة.

طريق التهريب

محمد، ناشط سوري يعمل في المنطقة ومطلع على تضاريسها، أفاد عنب بلدي أن طريق التهريب سابقًا كان يمر من جبال بالقرب من نقطة المصنع الحدودية، لكن وبعد تشديد الأمن اللبناني إجراءاته الأمنية على الحدود، قبل ستة أشهر، انتقل المهربون إلى جبل أبعد قليلًا قرب بلدة الصويري في البقاع اللبناني.

وأضاف أن الطريق يستخدم للذهاب والإياب، ولكن غالبية الأشخاص كانوا يتوجهون إلى سوريا وليس العكس، وكانوا يتجمعون في نقطة بمجدل عنجر في لبنان، لافتًا إلى أنه مع التشديد الأمني تعرض عدد من المتوجهين إلى سوريا للإصابة بإطلاق نار من قبل الأمن اللبناني.

وأشار إلى أن المهربين هم لبنانيون في الغالب، ويبدو أنهم كانوا متعاملين مع الأمن اللبناني قبل التشديد، إذ كان الأمن يغض الطرف عن هذا الطريق، وكانت الأجرة زهيدة لا تتجاوز 50 دولارًا.

أما عن الأشخاص الذين كانوا يتوجهون إلى سوريا فهم إما لا يمتلكون إقامات في لبنان ويريدون العودة إليها، أو يخافون من أن تنقطع مساعدات الأمم المتحدة عنهم، أو متوجهون للعلاج في سوريا ويريدون العودة إلى لبنان بعد ذلك.

من يريد دخول لبنان.. المسألة ليست بهذه البساطة

حددت “المديرية العامة للأمن العام اللبناني” معايير جديدة مشددة أكثر من السابق، حول تنظيم دخول السوريين إلى لبنان والإقامة فيه.

وأشار بيان أصدرته المديرية في 10 كانون الثاني 2018، إلى أنه لم يعد بإمكان السوريين دخول الأراضي اللبنانية لغرض التسوق، وحصر دخولهم لأغراض التعليم والطبابة والعمل والسفر وغيرها.

وأصبح الدخول بهدف السياحة يشترط أن يمتلك السوري ألفي دولار بعد أن كان يسمح بامتلاكه ألف دولار فقط، بالإضافة إلى وجود حجز فندقي، وهوية “سليمة” وجواز سفر ودفتر عائلة في حال أراد الشخص إدخال عائلته.

وتشترط زيارة العمل امتلاك الزائر صفة رجل أعمال أو مستثمر أو نقابي أو موظف في السفارات أو دبلوماسي أو موظف في القطاع العام السوري أو ضابط في القوات المسلحة أو رجل دين.

أما السوريون الراغبون باستخدام مطار بيروت الدولي، فيسمح لهم بالدخول مدة 48 ساعة، شرط امتلاكهم جواز سفر وتذكرة سفر مع تأشيرة دخول للبلد الذي ينوون السفر إليه.

كما يسمح الأمن العام اللبناني بدخول السوريين في حال أرادوا مراجعة إحدى السفارات الأجنبية، مدة 48 ساعة، بعد إبراز أي مستند يثبت ذلك من قبل السفارة.

وكانت السلطات اللبنانية بدأت بتقييد دخول السوريين إلى أراضيها في كانون الثاني 2015، إثر التدفق غير المسبوق للاجئين، إذ تم وضع شروط للدخول، وتحديد مدة للبقاء في لبنان حسب طبيعة الزيارة.

وتشير إحصائيات الحكومة إلى أن لبنان استقبل مليونًا ونصف مليون لاجئ سوري منذ بدء الصراع في سوريا والذي دخل عامه السابع.

إلا أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين في لبنان 997 ألف لاجئ حتى نهاية تشرين الثاني 2017، وفقًا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

أصوات تنادي بإيقاف تهريب “الثروات”

وفضلًا عن تهريب البشر، يشتكي سوريون من تداعيات فلتان الحدود، فالشريط الحدودي ابتداء من (القصير، حاويك، ربلة، الناعم الجوبانية، العقربية، زيتا) وغيرها من القرى الحدودية مفتوح على مصراعيه، وفق ما نشر عضو “مجلس محافظة حمص” وحيد يزبك، عبر صفحته في “فيس بوك”.

وأشار إلى أنه يتم تهريب “ثروات وطنية” إلى لبنان مثل الوقود والغنم والبقر والخضار والزيوت، الأمر الذي يؤدي إلى فقدانها من الأسواق المحلية وارتفاع أسعارها داخليًا، كما يتم إدخال السيارات بكافة أنواعها من لبنان إلى سوريا بدون رسوم جمركية، وكذلك تهريب السيارات المسروقة من سوريا إلى لبنان.

وجهة نظر حقوقية: النظام السوري والحكومة اللبنانية يتقاسمان المسؤولية

على من تقع المسؤولية باستمرار ظاهرة التهريب على الحدود بين لبنان وسوريا؟ سؤال طرحناه على المحامي نبيل الحلبي، مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان (لايف).

الحلبي أشار إلى أنه بالدرجة الأولى يتحمل المسؤولية النظام السوري الذي تسبب بنزوح أعداد كبيرة من العائلات المدنية سواء داخليًا أو عبر الحدود، بالإضافة لعصابات التهريب التي ترتزق من هذه الظاهرة.

ولفت الحلبي إلى أن هذه العصابات هي نفسها التي كانت تتعاون مع بعض عناصر الأمن اللبناني والأمن السوري الحدودي من أجل تسهيل أعمالها وأنشطتها غير المشروعة العابرة للحدود، وقد انتقلت هذه العصابات من تهريب السلع بين البلدين، والتي كانت مزدهرة قبل الحرب السورية، إلى تهريب السلاح، وإلى تهريب الأشخاص.

وأشار إلى أن هذه العصابات معروفة من قبل أجهزة الأمن اللبنانية والسورية، وتقع عليها مسؤولية كبيرة لأن ما تقوم به هي جريمة عابرة للحدود وهي تندرج ضمن “الإتجار بالبشر”.

وأضاف الحلبي أن الحكومة اللبنانية تتحمل أيضًا مسؤولية كبيرة، خاصة بعد قرارها إقفال الحدود أمام أعداد إضافية من اللاجئين السوريين، وإن كانت الحكومة تتذرع بأنها لم توقع على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، لكن لبنان أدرج في دستوره “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” وهو أبرز المؤيدين لهذا الإعلان، وبالتالي فإن إقفال الحدود أمام اللاجئين السوريين مخالف للمادة 14 من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

وبيّن أن ما تقوم به الحكومة مخالف لقواعد “القانون الإنساني الدولي” والتي توجب على لبنان استقبال اللاجئين الهاربين من الموت والقتل والحرب والاضطهاد، وهو واجب إنساني لا جدال فيه.

وأكد الحلبي أن امتناع لبنان عن فتح ممرات إنسانية آمنة للاجئين السوريين حوّل اللاجئ السوري إلى ضحية أمام شبكات الإتجار بالأشخاص.

سوريون بدون أوراق ثبوتية

منذ ساعات النزوح الأولى باتجاه لبنان في أواسط عام 2011، كان هناك استقبال بدون أي تحفظ للاجئين السوريين العابرين للحدود بطريقة غير نظامية، وقد ساعدهم الجيش اللبناني بالمرور إلى المناطق الآمنة في لبنان بدون التدقيق في أوراقهم الثبوتية أو هوياتهم باعتبارها حالة اضطرارية، فكان الجيش والأمن اللبنانيان يتعاطيان بطريقة جيدة مع العائلات الوافدة، وفقًا للحلبي.

وأردف أنه بعد عام 2013 والتغير السياسي والميداني داخل سوريا، بدأت الدفة تميل باتجاه اضطهاد هذه الشريحة من اللاجئين، وملاحقتها أمنيًا وخاصة أن وضعها القانوني هو وضع هش، فهي لا تملك أوراقًا ثبوتية أو قانونية تمكنها من الحصول على الإقامة الشرعية في الأراضي اللبنانية.

حتى إن الجنود أو الضباط المنشقين عن النظام السوري لا يملكون هوية بسبب التعميم الذي صدر عن أركان الحرب السورية في تشرين الأول 2011، والذي قضى بسحب الهويات منهم لإعاقة عملية الانشقاق آنذاك، ما أسفر عن وضع هش من الناحية القانونية، فهم الآن في لبنان عرضة للتوقيف بأي لحظة عند حصول مداهمة، أو عند مرورهم على أي حاجز طارئ سواء كان حاجزًا أمنيًا أو عسكريًا.

وأكد الحلبي أن العديد من هؤلاء السوريين الذين لا يملكون أوراقًا نظامية يتم اعتقالهم وتعذيبهم وضربهم بشدة، وفي حال وجود ظروف معركة مع الجيش، أو عملية أمنية كبيرة تلصق بهم اتهامات بشكل عشوائي مثل الانتماء إلى مجموعات “إرهابية” أو مجموعات مسلحة غير شرعية.

وديع الأسمر، رئيس المركز “اللبناني لحقوق الإنسان” أكد من جهته أن اللاجئين السوريين الذين دخلوا إلى لبنان بعد عام 2015، يتعرضون لمضايقات لعدم حصولهم على أوراق ثبوتية، كما أنهم يعيشون بنوع من اللاطمأنينة واللااستقرارية، إذ يتم توقيفهم لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، يجري بعدها إطلاق سراحهم مع أمر بترك الأراضي اللبنانية ولكن هذا الأمر لا ينفذ.

وأشار الأسمر إلى أن المنظمات الحقوقية تراقب الوضع عن كثب لمنع حدوث عمليات ترحيل إلى سوريا، مبينًا أنه إلى حد اليوم لم تتم أي عملية ترحيل بحق اللاجئين.

لم الشمل

أما فيما يخص لم شمل عائلة اللاجئ الذي يعمل في لبنان، فلفت الأسمر إلى أنه مع الأسف فإن مبدأ لم الشمل مع العائلة غير موجود في القانون اللبناني، كما أن لبنان لم يوقع على أي معاهدة بهذا الخصوص، وبالتالي فإنه من الصعب على العامل السوري أو الأجنبي ضمن الأعمال المسموح لهم العمل بها لم شمل عائلاتهم، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن قانون لم الشمل غير موجود جديًا في جميع الدول العربية.

وزير النازحين: لبنان تحمل فوق طاقته

معين المرعبي، وزير الدولة لشؤون النازحين

توجهنا بالسؤال عن الجهة التي تتحمل المسؤولية عما يحصل من عمليات تهريب وتداعيات ما يحدث، إلى وزير الدولة لشؤون النازحين، معين المرعبي، الذي قال في معرض إجابته، إنه لا بد من التوضيح بأن النظام السوري يرفض ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وإنه من الصعوبة بمكان على القوى العسكرية بأي بلد في العالم القضاء بشكل نهائي على ظاهرة التهريب.

وأضاف أن “القوى الأمنية تقوم بجهد مشكور في المناطق الحدودية لضبط الوضع حسب الإمكانيات المتوفرة لديها، وبالتالي فإنه من الصعب تحميلها الخروقات التي تحصل، علمًا أنّ هذه القوى قامت بإنقاذ نازحين عدة مرات، ولكنها لم تتمكن من ذلك في البعض الآخر، كما حدث في مأساة الصويري الأخيرة، كون الرؤية منعدمة كليًا بسبب العاصفة الثلجية التي زج المهربون الإخوة النازحين فيها ليتخلصوا منهم على ما يبدو”.

وحمّل المرعبي النظام السوري الذي دفع المدنيين للهروب من إجرامه وانتهاكاته، ومافيات التهريب التي تتاجر بحياة الناس وتبيعهم الأوهام والوعود الزائفة، المسؤولية عن وفاة اللاجئين الذين دخلوا خلسة إلى لبنان، بعد أن تخلى راعي عملية التهريب عنهم.

إجراءات الحكومة اللبنانية

وعن الإجراءات التي تعمل عليها الحكومة اللبنانية لإيقاف ظاهرة تهريب البشر بين سوريا ولبنان أو الحد منها، قال المرعبي إن “الأجهزة الأمنية، وفي طليعتها الجيش اللبناني، تحاول بكل ما أوتيت من قوة، وفي ظل إمكانياتها المتواضعة، العمل جاهدةً على إيقاف هذه الظاهرة، أو الحد منها قدر الممكن”.

وبيّن أنه تم إنشاء أفواج الحدود لحماية البلد، ومنع التسلل والتهريب بكافة أشكاله، ولكنه أكد بأنه لا يمكن لأي بلد في العالم وضع جندي كل ثلاثين مترًا على حدوده لضبطها بشكل محكم.

إقفال الحدود

وردًا على سؤالنا حول هل يحق لدول الجوار قانونيًا إغلاق الحدود بوجه السوريين في ظل ظروف الحرب الحالية، قال المرعبي إن “لبنان تحمّل فوق طاقته وفتح أبوابه واستقبل النازحين منذ بدء الأزمة السورية عام 2011”.

وأضاف، “بكل فخر كنت في مقدمة من استقبل إخوتنا النازحين، ولكن بعد سبع سنوات من الأزمة، لم يعد بإمكان لبنان بوضعه الاقتصادي الحالي، وعدم توفر البنى التحتية وسبل العيش الأساسية، إضافة لبخل المجتمع الدولي تجاه الإخوة النازحين الموجودين في لبنان، تحمل المزيد، إذ إن الوضع وصل إلى حد عدم التمكن من تأمين الغذاء والماء”.

وبحسب المرعبي، فإن فتح الحدود بشكل كلي سيغرق الحاضنة اللبنانية بمن فيها، وهو الأمر الذي دفع الحكومة اللبنانية مجبرة إلى الخيار الأقل ضررًا، وبناء على ذلك فإن “إغلاق الباب أمام دخول المزيد سينقذ المليون ونصف المليون من الإخوة النازحين الموجودين حاليًا في لبنان، والذين يعانون من شح المساعدات الدولية بسبب تعب المانحين واضمحلال مساعداتهم”.

واعتبر الوزير اللبناني أن مأساة قيام لاجئ سوري بحرق نفسه في طرابلس مؤخرًا دليل واضح على ما بدأ يعانيه السوريون، متمنيًا عدم تكرار حوادث مماثلة إذا لم تتم زيادة المساعدات المخصصة للنازحين الأكثر ضعفًا وفقرًا.

وأشار المرعبي إلى أن لبنان الذي يعاني من دين يبلغ 80 مليار دولار، ونمو اقتصادي ضعيف جدًا، لم يقم كبعض الدول الغنية ببناء جدار لمنع اللاجئين من الدخول إليه، بل استضاف على أرضه ما يعادل نصف عدد سكانه من نازحين سوريين ولاجئين فلسطينيين وعراقيين.

ودعا المرعبي الدول الغنية لتحمل مسؤولياتها وواجباتها تجاه النازحين، ومشاركة دول الجوار السوري في تقاسم العبء بشكل منصف، بما يحمي كرامة اللاجئين، ويحفظ استقرار المجتمعات المضيفة ولا سيما في المناطق النائية، التي تستضيف الغالبية الساحقة من اللاجئين، وحيث تكاد تنعدم البنى التحتية.

حل قضية “لم الشمل”

وعن الخيارات المتوفرة أمام العامل السوري في لبنان للم شمل عائلته، رأى المرعبي أن السوريين اليوم في موقف لا يحسدون عليه، ذاكرًا على سبيل المثال ما يواجه اللاجئون السوريون في ألمانيا، والتي يصنف اقتصادها من بين اقتصادات الدول الأقوى في العالم، من مشكلة في موضوع لم الشمل.

واعتبر الوزير اللبناني أن إيقاف الحرب السورية وحده يوقف المأساة، محملًا المسؤولية الأخلاقية في إغاثة اللاجئين السوريين على من أسماها بـ “دول العالم الحر”، في حفظ استقرار المجتمعات المضيفة، والعمل على خريطة لعودة للاجئين، وإعادة إعمار بلادهم التي مزقتها الحرب، ومن شأن ذلك حماية هوية اللاجئين، ولم شمل العائلات السورية التي تشردت في أصقاع الأرض، بحسب تعبيره.

تسهيلات للحصول على أوراق نظامية

وفيما يخص مصير السوريين الذين دخلوا بطريقة غير شرعية للبنان، ولا توجد لديهم أوراق ثبوتية، أوضح الوزير اللبناني أن “المديرية العامة للأمن العام” أصدرت عدة قرارات وقامت بإجراءات لتسهيل حصول اللاجئين في لبنان على أوراق شرعية، وهي تقوم بتجديد المهل القانونية لتمكينهم من تسوية أوضاعهم، وتخفيف الشروط المحددة مسبقًا.

وأضاف “يجب أن يسجل للحكومة اللبنانية ووزارة الداخلية بهذا الخصوص، أنها لم تقم بإجبار أحد منهم على العودة”.

ولفت إلى أن “الأمن العام” مدد مهلة إقامات السوريين في لبنان من خلال قرارات عدة، كان آخرها يوم 3 كانون الثاني 2018، وذلك حتى 31 آذار 2018، آخذًا بعين الاعتبار مخاوف اللاجئين من عبور الحدود إلى سوريا للتمكن من تغيير الكفيل، كما سمح بتجديد الإقامات في لبنان وتغيير الكفيل من دون حاجة إلى المغادرة لسوريا، وتسهيل إجراءات المغادرة، للذين دخلوا الى لبنان بعد 4 كانون الثاني 2015 بصورة شرعية (سياحة – تسوق)، والذين تخطت فترة إقامتهم المدة القانونية الممنوحة لهم من تاريخ دخولهم الأراضي اللبنانية، وطلب إليهم التقدم حصرًا من الدوائر والمراكز الحدودية لتسوية أوضاعهم والمغادرة.

مقالات متعلقة

تحقيقات

المزيد من تحقيقات