أحمد الشامي
“أوباما” رجل مشغول للغاية، لكنه وجد ما يكفي من الوقت للتّبحّر في أمور “داعش” و “الحرب على اﻹرهاب” في ذات الوقت الذي كانت فيه طائراته تبحث “بسراج وفتيلة” عن هدف داعشي “محرز” لتقصفه متجاهلة جحافل “حالش” واﻷسد.
“أوباما” لا يرى غير “الخليفة البغدادي” ولا يريد أن يرى في الحراك السوري سوى “اﻹرهاب” ذاته الذي شن “بوش الصغير” حربه المقدسة ضده.
هل “داعش” تستحق أن تجرد لها القوة الكونية اﻷعظم تحالفًا يفوق عديده الدول التي تحالفت ضد دول “المحور” إبان الحرب العالمية الثانية؟
هل “داعش” هي حقًا ذاك البعبع الذي يستأهل أن تستنفر له عشرات الدول وتُسَخَّر له مليارات الدولارات وعقودًا من الزمن لمواجهته؟
إن كانت “داعش” حقًا هي ذاك الكيان الفائق القوة والقدرة فنحن أمام معجزة لم تشهد اﻹنسانية مثيلًا لها منذ بدء الخليقة. “صعلوك” ممن تربوا لدى مخابرات صدام ورضعوا حليب السباع من ثدي “اﻷسد” الصغير في حضن الولي الفقيه الدافئ، يشبّ عن الطوق بين ليلة وضحاها ويصبح له مريدون بمئات الآلاف ولديه جيوش جرارة تجتاح دولًا بأكملها في ساعات بأسرع مما فعل “هتلر”. هذا “المسخ” يرهب العملاق اﻷمريكي لدرجة تجعل “الرئيس اﻷسمر” يخصص الساعات الطوال لشرح “استراتيجيته” في مواجهة الخطر الداعشي الزاحف، لدرجة تجعلنا نظن أن “حلف وارسو” كان “مزحة” مقارنة بداعش.
ما سر الثنائي “أوباما” و “البغدادي”؟ هل “داعش” هي صنيعة ﻷمريكا أم عدو؟
“داعش” ليست صنيعة ﻷمريكا، وإن كانت هذه اﻷخيرة صاحبة فضل لا ينكر في تربية هذا المسخ، و”داعش” ليست عدوًا ﻷمريكا. “داعش” هي ضرورة تقاطعت عندها مصالح قوى عظمى وصغرى، هي اﻷداة اﻷفضل لخنق تطلعات المسلمين السنة في الحرية وفي دولة المواطنة.
“داعش” كما كان نظاما اﻷسد وصدام قبلها، هي ضرورة استراتيجية لأعداء اﻹسلام والعرب والحرية.
بدمويتها وتنطعها لمقاتلة “أمريكا” دون اﻷسد وزبانيته وذبح أمريكيين أبرياء منحت “داعش” صكًا على بياض لسيد البيت اﻷبيض كي يتدخل لمساعدة “زميله” في قصر المهاجرين.
هذا ما كنا قد توقعناه منذ بداية الثورة السورية… اﻷمريكيون قادمون، ليس لخلع اﻷسد بل لمنع انهيار نظامه.